السبت، 29 مايو 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج10

جلست نسرين بغرفة مكتبها تفكر في أحوالها و تلك الفرحة التي تعيشها ، لم تكن تحلم بمثل هذه السعادة في حياتها قط ، لقد وجدت أخيراً شريك حياتها من تهواه و يطمئنها ؛ من يشعرها بالأمان و الحنان ، و لم يكن يعكر صفو حياتها إلا ذلك الشعور بالذنب الذي دائماً ما يؤرقها ؛ كانت تشعر بالذنب من إخفائها حقيقة صلتها بياسر على حسام خاصةً بعدما سألها إذا كانت قد أحبت أحداً قبله ، وقتها ردت بسرعة نافية ذلك و هذا لأنها حقاً لم تشعر بالحب الحقيقي تجاه ياسر بل عاشت مشاعر الحب لأول مرة مع حسام ، لكن هذا لا يعني أن تخفي عليه ذلك ؛ نعم ستصارحه .. ستخبره ربما هو يريد أن يكون أول رجل بحياتها و حتى إن غضب من ذلك لا يهم ؛ فالمهم هو أن تزيل ذلك الشعور المؤرق لها .. أفاقت من شرودها فجأة على صوت حسام بجوارها يسألها عن عم حسين الساعي فردت عليه بسرعة : " لقد غاب اليوم ؛ إنه مريض . " " مريض ؟ ماذا به ؟ " " لا أعلم ؛ لقد أرسل إبنه ليخبرني بذلك و ليحصل على إجازة مرضية ، يبدو أن آلام الكبد عاودته مرة آخرى . " صمت حسام قليلاً ثم قال لها : " سأذهب إليه لأطمئن عليه ، أتأتين معي ؟ " نظرت له نسرين بإعجاب ظاهر و قالت : " بالتأكيد ؛ فأنا أكن له الحب و الاحترام . " ابتسم حسام و قال لها : " إذن هيا بنا . " جلست نسرين بجوار حسام على أريكة قديمة في حجرة صغيرة طلاء جدرانها تساقط من الرطوبة و من الفقر الشديد ؛ بآخر الغرفة تمدد عم حسين على سريره يشكر رئيس عمله و نسرين على مجيئهم إليه ليطمئنوا على أحواله داعياً لهم بالصحة و العافية طوال العمر و حينها رد عليه حسام قائلاً : " لا شكر على واجب يا عم حسين ، لا تقلق بشأن عملك .. ستحصل على مرتبك كاملاً و إذا احتجت أي شيء فقط أخبرني بذلك . " ردت نسرين مؤكدة كلام حسام قائلة : " نعم ؛ لا تقلق يا عم حسين فكل ما يهمنا أن تتعافى و تسترد صحتك لتعود لنا بالشركة عن قريب . " نظر لهم حسين نظرات امتنان و سعادة و صمت قليلاً ثم قال : " أشكرك جداً يا أستاذ حسام ، عقبال فرحتي بك و أنت عريس فأنت محترم و تستحق كل خير . " ثم نظر تجاه نسرين و قال : " و يبدو أنني سأفرح بك عما قريب مثل فرحتي بكِ يا نسرين بإذن الله . " فهم حسام على الفور ما يجول بخاطر حسين فنظر هو الآخر بخبث تجاه نسرين ليرى رد فعلها فتلاقت عيونهم و حينها توردت وجنتيها بشكل زاد من جمالها و براءتها ؛ ثم هب حسام واقفاً و قال : " سننصرف الآن يا عم حسين حتى لا تتأخر نسرين . " ثم نظر لنسرين و قال لها : " هيا بنا . " انصرفت نسرين برفقة حسام و عند هبوطهما درج المنزل قالت لحسام بحزن : " أتمنى أن يتعافى قريباً ؛ فأنا أحبه و أحترمه جداً يا حسام و يبدو أن علته ليست هينة . " و حينها كانا قد وصلا إلى باب المنزل من الخارج الذي يطل على حارة ضيقة مملوءة بأطفال يلعبون و يمزحون مع بعضهم البعض ؛ نظر حسام إليها برقة و أمسك يديها يربت عليهما قائلاً: " لا تقلقي يا حبيبتي ؛ سيكون بخير بإذن الله فأنا أعلم مدى معزتك له . " سعدت نسرين من لفظه حبيبتي و فجأة شعرت بضربة قوية على أيديهم فصرخت إثر تفاجؤها من ضربة الكرة القوية التي يلعب بها الأطفال و بينما عاتب حسام الأطفال و نظر ليطمئن عليها وجد نظرها مثبت في اتجاه آخر ؛ صدمت بشدة نسرين ليس بالطبع من ضربة الكرة فقط بل لرؤيتها ياسر بملابس قديمة و بمكان هكذا ؛ و بينما نظرت له بصدمة أخفض عينيه خجلاً منها و من نظراتها المتفاجئة . أفاقت على صوت حسام يسألها باهتمام : " نسرين .. هل أنتِ بخير ؟ " بكت نسرين بشدة في أحضان نهاد الدافئة ؛ لم تكن تعرف سبب بكاءها .. هل لصدمتها و اكتشافها بأنها كانت ضحية لعبة أساسها الغش و الخداع ؟ أم تبكي رثاءاً من حال ياسر الذي رسمت له صورة آخرى ؟ ذرفت دموعاً حارة ملؤها الندم و الحسرة على تلك الأيام التي قضتها في حب من لا يستحقها ؛ تلك الأيام التي قضتها في غش و خداع تحت إسم الحب الزائف ، ثم أفاقت على صوت نهاد الحنون قائلة لها : " لا تبكي يا نسرين ؛ فلتحمدي ربك أنكِ لم تقعي في غرامه و لا ضحية أغراضه الخسيسة . الله وحده يعلم لماذا كذب عليكِ و ماذا كان ينوي أن يفعل بكِ ؟ و لا تحزني لقد عوضك الله بمن هو أفضل منه . صدقيني ستكونين بخير . " مسحت نسرين دموعها و قالت بقوة : " نعم ؛ سأكون بخير بإذن الله . "

الأربعاء، 12 مايو 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج9

تطلع ياسر إلى نسرين في افتنان و قال لها : " لقد أتيت اليوم لأخبرك شيئاً هاماً يا نسرين . " " حقاً ؟ أنا أيضاً أريد أن أحدثك في موضوع هام ؛ لكن أخبرني أولاً لماذا تريدني ؟ " قال لها بسرعة : " لا ؛ أخبريني أنتِ أولاً فيمَ تريدينني ؟ " خفق قلبها بسرعة و ابتلعت ريقها في صعوبة و قالت له : " ياسر .. أعتقد أن علاقتنا لابد أن تنتهي . " امتُقِع وجهه و قال لها مضطرباً : " لماذا تقولين ذلك ؟ و ماذا تعنين بذلك ؟ " تلعثمت قليلاً لكنها قررت في نفسها المضي قدماً مهما يحدث لأنه لا وقت للتراجع الآن لذا قالت : " أنا آسفة حقاً لإخباري لك ذلك ، لكن صدقني هذا أفضل لنا ؛ لقد حاولت لكنني وجدت الأمر صعباً ، أنت شاب ممتاز و تتمناك كل فتاة ، لكن لن أستطيع الاستمرار معك . " فكر بعمق ثم قال لها : " هل يمكنني معرفة السبب ؟ " تنهدت قليلاً ثم قالت : " أنا نفسي لا أعرف السبب . كل ما أعرفه هو أنني شعرت بالانجذاب نحوك حينما تحدثنا عبر الإنترنت ، لكن حينما رأيتك عرفت أنني كنت مخطئة ، شعرت أنك ليس ياسر الذي عرفته من قبل ، شعرت أنك شخص مختلف عنه ، و لا أعرف سر ذلك . أرجوك سامحني . " ابتسم في رقة و قال لها : " لا تعتذري و لا تطلبي السماح ؛ أنا أقدر مشاعرك تماماً كما أقدر مصارحتك لي بحقيقة تلك المشاعر . معكِ حق ربما هذا أفضل لكلينا ، لكن أريدك فقط أن تعرفي أنكِ أجمل فتاة رأتها عيني و أنكِ الوحيدة التي أحببتها بصدق في حياتي . " و قبل أن تنطق بكلمة قام مسرعاً و ابتعد دون أن يودعها حتى ، نظرت له بإشفاق و تكاد تنهمر الدموع من عينيها لكنها سيطرت على نفسها و تركت الكافيتريا في هدوء . و بعد يومين و قفت نسرين بجوار نهاد أمام خزانة الملابس لاقتناء فستان سهرة يلائم نسرين لتذهب به إلى الحفلة التي يقيمها حسام ، و بينما تبحث كل منهما في اتجاه تبادلا أطراف الحديث حيث سألت نهاد نسرين قائلة : " و الآن ماهو شعورك ؟ " " مرهقة جداً يا نهاد ؛ منذ الصباح و أنا أتابع العمل في منزل حسام ؛ منزله شاسع المساحة و الحفلة تحتاج مجهودات كثيرة أيضاً ، تابعت الزينة و المطبخ و أشرفت على إعادة ترتيب الأثاث بالمنزل بمساعدة العمال ثم اتصلت بالفرقة الموسيقية لتأكيد ميعاد وصولهم ، و حينما انتهيت من كل ذلك أتيت لأستعد . " ضحكت نهاد و قالت : " أليس هذا مجهودا إضافياً لستِ مطالبة به بما أنكِ تعملين سكرتيرة فقط ؟ " أجابت نسرين في خجل : " نعم .. أعلم ذلك ، إنه عمل زوجته لكنه ليس متزوجاً و لا أخت له و لا أم ، من سيساعده إذن ؟ " ابتسمت نهاد في هدوء و قالت : " نعم .. معكِ حق ، لكنني لم أكن أقصد ذلك حينما سألتك عن شعورك الآن ." ثم شهقت بسرعة ممسكة بيديها فستان طويل بلا أكمام ذهبي اللون من قماش الستان الناعم مطرز من الصدر بتطريز بسيط و له شال ذهبي مطرز هو الآخر ببساطة مثل التطريز الذي على الصدر و أرته لنسرين التي قالت في لهفة : " نعم .. هذا ما أبحث عنه ، يا الله كم هو جميل ! " ابتسمت نهاد و قالت لها : " نعم .. أعتقد أنه سيلائم جسدك تماماً مثل بشرتك . " التقطته نسرين من يديها و ذهبت لآخر الغرفة أمام المرآة تتطلع إليه كيف سيكون فوق جسدها ؟ و قالت لنهاد : " سأرتدي هذا . فلنكمل حديثنا ؛ ماذا كنتِ تقصدين إذن ؟ " " كنت أقصد ما هو شعورك الآن بعد ما تخلصتِ من ياسر ؟ هل أنت سعيدة لذلك القرار ؟ " تنهدت نسرين في ارتياح و قالت : " أحمد الله كثيراً أن الموضوع انتهى لذلك الحد لكنني لا أنكر أنني حزينة لأجله كثيراً . " هزت نهاد رأسها موافقة و قالت : " أنا أيضاً أشفق لحاله كثيراً ؛ لكن هذا أفضل لكليكما . لكنكِ لم تخبريني حتى الآن كيف عرف حسام بأمر محمد و أنه تقدم ليخطبك ؟ " " بالتأكيد من خلال محمد نفسه . " " أعلم ذلك جيدأً ، لكن لماذا يخبره محمد بذلك الأمر خاصةً و أنكِ رفضتِ طلبه ؟ ! " زفرت نسرين أنفاسها بقوة و قالت حائرة : " لا أعلم يا نهاد ؛ لم أفكر في الأمر . حقيقةً لم أجد الوقت الكافي لأفكر في ذلك الأمر ، انشغلت كثيراً طوال الأيام السابقة في عملي و تحضير الحفل بجانب ياسر . " " كان الله في عونك يا أختاه ، لكن هل اقتنع حسام بكلامك ؟ " " لا أعلم ؛ لقد أخبرته أنني لم أجد فرصة مناسبة لأخبره بذلك كما أنني رأيت الموضوع لا يستحق أن أذكره أمامه . أتمنى أن يكون قد اقتنع بكلامي لأن هذه حقاً الحقيقة . " ابتسمت نهاد قائلة : " حسناً .. سأتركك الآن لترتدي فستانك و تتأنقين . " قالت نسرين في حزن : " كنت أتمنى أن تأتي معي حتى أعرفك على حسام . " أجابت نهاد في حنان جارف قائلة : " لا تحزني ؛ أنتِ تعلمين مدى انشغالي هذه الفترة في عملي كما أن ريم ستذهب معك . " ثم أحاطتها بذراعيها تضمها برفق و تركتها في الغرفة متمنية لها سهرة سعيدة ..... تصاعدت أصوات الموسيقى النابعة من الفرقة الموسيقية في أرجاء منزل حسام حينما دلفت نسرين بجوار ريم إلى الحفل ، تواجد العديد من الحضور في أرجاء المنزل و كان يبدو الرضا على سمات الجميع من تحضير الحفل و أيضاً لعقد تلك الاتفاقية الهامة للشركة التي أسعدت الجميع . و بينما نظر الجميع في افتنان إلى تلك الفتاتين اللتين حضرتا فجأة كانت تبحث نسرين بين تلك العيون عن آسرها و حبيبها حسام . أفاقت نسرين من شرودها على صوت ريم تسألها : " نسرين .. أليس الذي يقف هناك هو الدكتور محمد ؟ " نظرت نسرين إلى المكان الذي أشارت إليه ريم برأسها فتسارعت دقات قلبها بسرعة ، كان يقف هناك حسام بجوار محمد كل منهما يرتدي حلة أنيقة للسهرة سوداء اللون و قبل أن تجيب نسرين على سؤال ريم وجدت الإثنان يتحركان تجاهما . ابتسم محمد إلى ريم و صافحها بينما ابتسمت نسرين إلى حسام الذي كان ينظر إليها في إعجاب ملحوظ و عرفته على ريم ، تصافح الجميع و قال محمد لنسرين : " الحفلة رائعة يا نسرين . لقد قمتِ بمجهود ملحوظ لا يمكن لأحد نكرانه . " شكرته نسرين حينما اقترب حسام منها قائلاً : " هل تسمحين لي بتلك الرقصة ؟ " وافقت نسرين على استحياء و سارت برفقته بينما ابتسم محمد لريم قائلاً لها : " كيف حالك ؟ " ردت ريم بابتسامة هادئة : " الحمد لله ؛ أنا بخير تماماً . " نظر إليها محمد و قال : " أنتِ رائعة . " إحمرت ريم خجلاً لأنها لم تعتد ذلك الغزل الصريح و قالت له : " أشكرك . " اقترب حسام من نسرين و ضمها إليه بحنان أشعرها كأنهما وحدهما في ذلك العالم فلم تشعر بوجود أحد حولهم و لا نظراتهم و همساتهم عليهما ، بدآ يتراقصان على أنغام الموسيقى دون أن ينبس أحدهما ببنت شفة و حينما توقفت الموسيقى اقترب منها حسام و همس في أذنيها قائلاً : " تعالي معي . " و قبل أن تسأل جذبها من يديها خلفه برفق فسارت معه دون اعتراض ، كانت تشعر كأنها تحت تأثير مخدر جميل و عرفت من مساره أنه يصحبها إلى شرفته ، و حينما و صلا رأت في عينيه أجمل نظرة و أرق إحساس شعرت بما في داخله دون أن يتكلم ، و أدرك هو أيضاً مشاعرها لخجلها الظاهر في إحمرار وجنتيها و تلك اللمعة البريئة التي تضيء عينيها . ظل ينظران لبعضهما البعض و أخيراً تحدث هو و قال لها : " أنتِ رائعة جداً الليلة . " ابتسمت له و قالت بخجل : " أشكرك . " توقف الحديث بينهما مرة آخرى فقالت له : " هل يمكنني أن أسألك سؤالا ؟ " " بالطبع ؛ تفضلي . " " كيف علمت بأمر محمد ؟ هل هو من أخبرك ؟ " نظر إلى عينيها نظرة عميقة كأنه يحاول أن يغوص داخل أسرارها و قال لها : " نعم .. برأيك من غيره يمكن أن يخبرني بذلك ؟ " " نعم .. معك حق ، لكنني تعجبت قليلاً من ذكره لك ذلك الأمر خاصةً و أنه موضوع منتهي . " " و لماذا لم تخبريني أنتِ ؟ " " لقد أخبرتك .. لقد رأيت الموضوع لا يستحق أن يُذكر كما أنني اعتقدت أنه لن يهمك كثيراً . " نظر لها بلوم و قال : " هل تعتقدين أنه لا يهمني حقاً ؟ " أرادت أن تجيبه لكنها لم تعرف ماذا تقول ؛ شيء ما بداخلها أشعرها أنه مختلف الليلة عن كل ليلة لذا فقد لاذت بالصمت ، و حينها قال لها : " لقد أخبرني أيضاً سبب رفضك له . " بدأت تشعر بالضيق من محمد و من أحاديثه فقالت له بغضب واضح : " و لماذا يخبرك بكل ذلك ؟ " زفر أنفاسه بقوة و قال لها : " لأنه شعر بما كان يتوجب عليكِ أن تشعري به . " انعقد لسانها و لم تعرف ماذا دهاها و حينها قال لها : " أنا أحبك . " تسارعت دقات قلبها بسرعة و لم تعرف ماذا تقول ؛ شعرت كأنها في حلم جميل لا تريد الاستيقاظ منه و حينها أمسك يديها برفق و قال لها : " لقد أحببتك من أول وهلة ؛ دائماً ما كنت أصارع إحساسي تجاهك و لم أتأكد من مشاعري إلا حينما رأيت محمد معك في المكتب حينها جُن جنوني و لم أعرف ماذا دهاني ، خفت أن يأخذك مني لأنني أعلم أنه محط إعجاب العديد من الفتيات . عاملتك بقسوة يومها لأنني كنت أغار عليكِ . " نظرت له في حنان جارف و قالت : " أنا أيضاً أحبك . لا تسألني متى لأنني ربما أحببتك قبل أن أراك . " احتضن يديها بقوة و قال بهمسه الرقيق : " يا حبيبتي . " قالت له بعتاب خفيف : " و لماذا لم تخبرني من قبل ؟ " قال لها ضاحكاً : " لم أكن واثقاً من مشاعرك تجاهي حتى ذلك اليوم الذي أخبرني محمد فيه أنك رفضتِ الارتباط به لأنكِ تريدين الارتباط بمن يختاره قلبك ، حينها شعرت أنكِ ربما تكنين لي مشاعر و أكد محمد إحساسي حينما قال لي أنه كان معجباً بكِ لاحترامك و شخصيتك الجذابة لكنكما لم تتبادلا الحب يوماً و أخبرني أنني مثل أخيه و أنه يريد الصالح لي دائماً و نصحني بالاعتراف بمشاعري لكِ إذا كنت أحبك حقاً . " ابتسمت و قالت : " أنا سعيدة الآن أكثر من أي وقت مضى ، كنت مغتاظة جداً من محمد أما الآن فلا ، بالعكس أنا ممتنة إليه كثيراً . " ضحك و قال لها : " أنا أيضا كنت شديد الغضب منه حتى ذلك اليوم الذي أخبرني فيه بذلك ، كما أعتقد أنه أخيراً وجد شريكة حياته لا لشخصيتها فقط بل لأنه أحبها من أول نظرة . " " حقاً ؟ هل تعرفها ؟ " " منذ الصباح الباكر يسألني إن كنت أعلم بحضورها أم لا ، و يخبرني برقتها و حبه لها من أول نظرة و أنها الوحيدة التي شعر تجاهها هكذا . " " يا الله ! كم أنا سعيدة لذلك ! " " أنا أيضاً سعيد لأجله خاصةً أنها صديقتك . " اندهشت نسرين و قالت له : " ماذا؟ صديقتي ؟ " و في ذلك الوقت كانت ريم برفقة محمد يحاول أن يتودد إليها بينما هي تظهر لامبالاة بالرغم من اهتمامها به منذ رأته لأول مرة ، قال لها : " هل ستحضرين الإسبوع القادم إلى العيادة ؟ " قالت له بفتور : " إن شاء الله . " قال لها بعد أن نفد صبره : " أرجو أن تأتي فأنا أريد التحدث إليكِ في أمر هام . " و قبل أن تسأله حضرت نسرين برفقة حسام و كانت السعادة تبدو على وجوههم ، نظرت نسرين إلى ريم ضاحكة حينما سألتها : " أين كنتِ ؟ لقد تأخرتِ عليّ . " ابتسمت نسرين و نظرت إلى محمد بخبث و قالت : " آسفة يا صديقتي .. أعلم أنني تأخرت لكن اعتقدت أنه ربما يقوم محمد بتسليتك حتى أعود ، سننصرف الآن ما رأيك ؟ " نظرت ريم إليها بتعجب لأنها لم تفهم شيئاً و قالت : " حسناً .. أنا أيضا أريد أن أنصرف الآن ؛ لقد تأخر الوقت . " تصافح الجميع و سارت الفتاتان برفق و بقلب كل منهما مشاعر جمة و خواطر عدة و فرحة غامرة ...

تحب تشرب شاي ؟ ج8

نظر محمد إلى فم ريم بحرص متفحصاً أسنانها بدقة حتى يعرف علتها ، و بعد فحص دقيق وضع القليل من سائل طبي له رائحة مميزة بواسطة فتلات دقيقة من القطن الطبي ؛ ثم نهض متجها إلى مكتبه قائلا ً لها : " تفضلي . " نهضت ريم بخفة و جلست على كرسي يقابل مكتبه بجوار نسرين التي سألته بدورها : " ماذا بها ؟ " نظر محمد إلى ريم برقة و قال لها : " أنتِ بخير ، لا تقلقي فقط بعض التهابات في اللثة أشعرتك بألم شديد لكنني وضعت لكِ مس للثة ليخفف الألم و سيزول عنكِ بعد قليل إن شاء الله . " نظرت نسرين إليه في تعجب لأنها من سألت السؤال و ليست ريم لكنها أزاحت الفكرة من رأسها قائلة له : " نشكرك كثيرا ، و آسفين على إزعاجك كثيراً . " رد عليها مبتسماً : " لا تقولين ذلك يا نسرين ، أنت تعلمين مكانتك عندي كما أنني كنت ما زلت مستيقظاً فأنا معتاد على مثل تلك الظروف . " و نظر إلى ريم قائلاً : " سأكتب لكِ بعض الأدوية و أراكِ الإسبوع القادم إن شاء الله . " ابتسمت ريم و قالت : " إن شاء الله . " ثم خرجت الفتاتان و ذهبت كلُ منهما إلى منزلها بعد ما شكرت ريم نسرين كثيرا على ذلك الموقف النبيل . ************************** سألت نهاد ريم في اليوم التالي عن صحتها فردت ريم قائلة : " الحمد لله أحسن بكثير ؛ يبدو أنه طبيب ممتاز . " " حقاً ؟ لا أعرفه ؛ لكن نسرين تثني عليه كثيراً و تقول أنه شخص ممتاز . " ابتسمت ريم و سألت نهاد : " منذ متى تعرفت عليه نسرين ؟ " " أعتقد منذ شهرين تقريباً . هل تعلمين أنه تقدم ليخطبها من قبل ؟ " تعجبت ريم لكنها أخفت ذلك و قالت : " لم تخبرني نسرين بذلك لكنني لاحظت أنه يعاملها معاملة لائقة ؛ يبدو أنه يحبها . " " لا ، لقد تقدم إليها فقط كفتاة مناسبة ؛ نسرين أخبرتني بأنه لا يحبها . " " و هل وافقت عليه ؟ " " لا؛ لقد رفضته لأنها لا تحبه تريد الارتباط بشخص تحبه . " انقطع حديث ريم مع نهاد حينما دلف سيف إلى غرفة نهاد الملحقة بغرفة مكتبه ، ابتسمت له ريم و خرجت من الغرفة بينما وقفت نهاد لتحضر له بعض الملفات و حينها نظر إليها كعادته نظرته العميقة و قال لها : " أريدك في غرفتي . " تساءلت نهاد في نفسها ترى لماذا يريدها ؟ و خافت قليلا من فكرة أنه يريدها لسبب شخصي ؛ فمنذ أول لقاء لهما هنا في الشركة أخبرها أنه يريدها في شيء هام لكنه حتى الآن لم يصرح بذلك ، جمعت الأوراق التي تريده أن يراها و دلفت إلى مكتبه بعد خبطات قليلة . نظر إليها و قال لها : " تفضلي . " جلست في هدوء حينما أمسك بالأوراق منها و نظرت إليه في ثقة قائلة : " هل هناك خطأ ما في العمل ؟ " " لا ، لا شيء . حقيقة أنتِ مجتهدة كثيرا في عملك لحد كبير مثلما أنتِ فائقة الجمال . " إحمرت خجلاً لإطرائه و ارتعدت قليلا خاصة حينما ذكرها ذلك بجملته الأولى لها في أول لقاء بينهما في الكافيه حينما امتدح جمالها و لكنها لم تستطع أن تنكر رنة التهكم التي يتحدث بها و قالت له : " إذن لمَ تريدني ؟ " " أخبرني والدي أنكِ تعملين هنا منذ مدة طويلة كما أنه يثني عليكِ .. على أخلاقك .. اجتهادك في عملك . " " نعم ، حقيقة والدك شخص أعتز به كثيرا و أعتبره بمثابة والدي ، لطالما يشجعني منذ بداية قدومي إلى الشركة و لذلك لم يجعلني أعمل في صف المرشدات و فضل أن أظل معه كسكرتيرة لأنه لم يأتمن أحد على شئون العمل سواي ، و هذا أعتز به كثيراً . " وقف سيف و استدار حول مكتبه و وقف أمامها ثم قال : " منذ قدومي إلى هنا و أنا أود سؤالك عن أمر هام لكنني عدلت عن رأيي و قررت تأجيل ذلك السؤال إلى فترة ما أحددها أنا بعد حدوث أشياء معينة و الآن قررت أن أسألك . " ابتلعت نهاد ريقها في صعوبة و قالت : " تفضل . " نظر إليها نظرة ثابتة ثاقبة و قال : " لماذا لم تأتي للقائي و تخلفتِ عن الموعد ؟ " نظرت نهاد إليه نظرة مشدوهة و لم تعرف بم تجيب فحينما مر أكثر من شهر على اشتغاله بالشركة و لم يسألها عن تخلفها عن الموعد اعتقدت أنه لم يتذكرها و نسي كل شيء لكن الآن وضح لها كل شيء فماذا تفعل ؟ تلاشت نظراته و قالت : " أي موعد ؟ " " نهاد .. أنا أعرف شخصيتك المستقلة التي لا تحب الكذب و تفضل الوضوح ؛ فلا تستخدمي ذلك الإسلوب معي . " قالت له بصوت منخفض : " أي إسلوب ؟ " " إسلوب المراوغة . " قالت له و عيناها تلمع كأن الفكرة هبطت إليها هدية من السماء و قالت له : " حقيقة حينما التقيت بك لأول مرة و دعوتك لشرب شاي كنت أعتقدك شخصاً آخر ، و لكنني تيقنت أنه ليس أنت فيما بعد لذلك لم أحضر مرة آخرى . " " شخصاً آخر ؟ من هو ؟ " تعجبت من سؤاله و لكنها أجابت : " حقيقة توفي والديّ منذ عامين ؛ و لم يبق لي أحد سوى أختي الوحيدة نسرين ؛ و ليس لدينا أقارب سوى شخص واحد من إحدى القرى التي كان يسافر إليها والديّ ؛ كان يزورنا حينما كنت صغيرة و حينما عرف بوفاة والديّ اتصل بنا يعلمنا بقدوم إبنه ليطمئن علينا و لأنه لا يوجد أحد معنا في المنزل سواي أنا و أختي قررت أن أقابله بالخارج في ذلك الكازينو و أخبرني بألوان ملابسه مثل الألوان التي كنت ترتديها و اتفقنا على جملة ليتعرف بها كل منا على الآخر و هي تحب تشرب شاي ؟ " نظر لها في تهكم و قال : " أين رأيتِ ذلك الفيلم المثير ؟ " نظرت له في حنق و قالت : " ألا تصدقني ؟ " " بالطبع ؛ هل يعقل كلامك ؟ أولا لماذا يرسل ذلك الرجل إبنه بدلا من مجيئه بنفسه ؟ ثانيا لماذا يفكر في المجيء أصلا بعد مرور أكثر من عامين على وفاة والديك ؟! " ارتبكت قليلا ثم قالت له : " هو لا يستطيع أن يأتي لأنه مريض ، و رغبته في حضور إبنه الآن ليطمئن على أحوالنا لا ليقدم تعازيه . " نظر إليها متشككاً و قال : " حسناً ، لا بأس كنت أود فقط معرفة سر ظهورك المفاجيء و اختفاءك . يمكنك الآن أن تتفضلي . " خرجت نهاد و هي تزفر أنفاسها بقوة و تحمد الله على تلك الفكرة التي أتتها و نادمة بعض الشيء على كذبها لأنها لا تحب الكذب ، لكنها لم يكن بيدها حيلة آخرى .... دلفت نسرين إلى غرفة مكتب حسام مبتسمة و قالت له : " ما أخبار شركة الشروق ؟ هل نجحت الاتفاقية ؟ " ابتسم لها حسام قائلا : " نعم ، نجحت الحمد لله . " ابتسمت و قالت في فرحة : " أنا سعيدة لذلك جدا . " ابتسم لها و قال : " سأقيم حفلة بمنزلي احتفالا بتلك الاتفاقية . " " حقاً ؟ " " نعم ، وأود مساعدتك في ذلك هل تستطيعين ؟ " " بالطبع . فأنا أحب تنظيم الحفلات . " " إذن سأترك لكِ تلك المهمة ، و يمكنك دعوة من تحبين من عائلتك أو صديقاتك . " " أشكرك كثيراً . " خرجت نسرين و الفرحة تملأها لتلك الاتفاقية لأنها كانت تعلم مدى حرص حسام عليها من مدة و عندما أمسكت بمقبض الباب لتخرج قال لها منادياً : " نسرين .... " نظرت له مبتسمة و لكن ابتسامتها اختفت حينما سألها : " لماذا لم تخبريني أن محمد تقدم ليخطبك ؟ "

تحب تشرب شاي ؟ ج7

وقف حسام في شرفته المطلة على نهر النيل يتطلع إلى ذلك القمر المنير في تلك السماء شديدة الظلام ، و فكر في نفسه في أن القمر دائما ما يذكّر الإنسان بمن يحب ؛ تنظر إليه دائما فتتذكر وجه المحبوبة ؛ و تفكر في أن المحبوبة حقا أجمل من القمر ، و عند هذا الخاطر ابتسم في ثقة مفكرا أن حبيبته حقا أجمل من القمر ، و دار بخلده وجه نسرين الملائكيّ بقسماتها الرقيقة و شعرها الطويل الجذاب الذي تنسدل بعض خصلاته فوق جبينها في رقة ، و بدأت أسئلة كل ليلة تهاجمه كالعادة ؛ ظل يتساءل في نفسه لماذا لا يصارحها بمشاعره ؟ لماذا لا يقف أمامها في ثقة و يخبرها " نسرين .. أنا أحبك .. هل تقبلينني زوجا لك ؟ و بينما أفكاره تصارعه دق جرس الباب ، أسرع ليفتح الباب متسائلا من سيأتيه في مثل ذلك الوقت المتأخر ؟ ؛ فتح الباب و تفاجأ حينما وجد محمد أمامه فهو لم يعتد زيارة محمد له في المنزل خاصة في هذا الوقت المتأخر ليلا ، رحب به و لم تخف دهشته على محمد الذي ابتسم له قائلا : " ماذا بك ؟ لماذا أنت مندهش هكذا ؟ " رد حسام شبه مرتبكا قائلا : " لا .. لست مندهشا لكن الساعة تجاوزت ... قاطعه محمد قائلا : " الثانية عشرة .. أعرف ؛ لقد حضرت لأحدثك في موضوع هام . " " موضوع هام ؟ " " نعم .. موضوع يخص نسرين . " اضطرب حسام قليلا و لكنه حاول إخفاء ذلك بينما ابتسم له محمد و قال : " ماذا بك ؟ " " لا .. لا شيء ، أنا بخير ، إنني فقط أستمع إليك .. أخبرني ماذا بها نسرين ؟ هل أغضبتك في شيء ما ؟ " ***************************************** " الحب الخاطف له علامة .. له علامة .. ياخدك و يلف بحور ياما .. بحور ياما .. و يسيب القلب في دوامة ... " تصاعد صوت صباح من المذياع في غرفة نهاد و نسرين ؛ غرفة واسعة وردية اللون تحتوي على سريرين لكل منهما يفصل بينهما طاولة صغيرة عليها المذياع ؛ صور لعبد الحليم .. شادية .. رشدي أباظة و سعاد حسني معلقة على الجدار بجوار سرير نهاد بينما صور أنطوني بانديرس .. إنريكي إجلاسياس براد بيت و جوليا روبرتس معلقة بجوار سرير نسرين ؛ بالجانب الأيمن من الغرفة تجد خزانة للملابس بينما الجانب الأيسر يحتوي على طاولة زينة عليها بعض أدوات التجميل التي تستخدمها الفتاتان ؛ في آخر الغرفة أمام السريرين تجد مكتب صغير عليه جهاز حاسب آلي و بعض الأوراق بينما مكتبة صغيرة على الجدار تحتوي على بعض الإسطوانات و روايات لكتّاب قدامى . أغلقت نهاد المذياع و جلست تنظر إلى نسرين التي استرخت على سريرها لدى سماعها للأغنية و كانت تنظر لسقف الغرفة كأنها في عالم آخر ؛ و حينها استدارت نسرين لها قائلة : " لماذا أغلقت المذياع ؟ إنها أغنية جميلة ؟ " تعجبت نهاد و قالت لها : " عجبا لك يا أختاه ؛ لقد تغيرت تماما . " ابتسمت نسرين و قالت : " لماذا تقولين ذلك ؟ " " أراك دائما صامتة متأملة لكل ما حولك عكس طبيعتك المرحة المليئة بالحيوية و النشاط التي لا تتوقف عن الضحك و الكلام و الانطلاق ؛ كما أنك لا تحبين المذياع و لا الأغاني القديمة . " " نعم ؛ أعلم أن أحوالي تغيرت . " " لماذا ؟ هل الحب يفعل كل ذلك ؟ " ابتسمت نسرين في خفر و قالت : " حب ؟ هل تعتقدين يا نهاد أن الحب يمكن أن يغير من عادات الإنسان و سلوكياته ؟ " " نعم ؛ أعتقد ذلك . أعتقد أن الحب الحقيقي وحده قادر على تغيير الإنسان من حال إلى حال ، أخبريني إذن من السبب في هذا التغير ؟ حسام أليس كذلك ؟ " " حسام ؟ لماذا اعتقدت أنه حسام و ليس ياسر ؟ " " لا تخدعي نفسك يا نسرين . لقد أعجبت بحسام منذ أول وهلة ، رأيت ذلك في طريقة حديثك عنه ؛ دائما ما تحاولين إرضاؤه بشتى الطرق ؛ كما أنك تتحدثين عنه كثيرا ؛ قلما تتحدثين عن ياسر ؛ لا تتحدثين عنه إلا حينما تقابلينه لتخبريني بما حدث بينكم و لتستشيرينني في أمركم . " " و ما هو رأيك ؟ ماذا أفعل ؟ لو تعرفي كم أنا حائرة ! " " أخبريني أولا لماذا رفضت الارتباط بمحمد ؟ " " لقد أخبرتك ، لأنني لا أحبه ؟ " " هل هذا هو السبب فقط ؟ " ارتبكت نسرين و قالت : " نعم ؛ و ماذا سيكون غيره ؟ " ضحكت نهاد و قالت : " أعتقد أنك رفضته لأنك تتنظرين شخصا آخر ، و ربما أزعجك أن محمد أراد الارتباط بك بينما لم ينطق غيره بكلمة واحدة . " زفرت نسرين أنفاسها بقوة قائلة : " نعم ؛ و هذا كان سببا آخر ؛ كما أنني لا أستطيع الارتباط بشخص بينما هناك إثنان في حياتي واحد أهواه و الآخر أريد التخلص منه . " فرحت نهاد و قالت : " هل تريدين حقا التخلص من ياسر ؟ " " نعم ؛ لماذا أنت سعيدة هكذا ؟ " " لا أعلم يا نسرين ؛ لكنني لا أرتاح إليه كثيرا ، حقيقة إنني أرتاح إلى حسام أكثر منه بالرغم من أنني لم أر أحدا منهما . " " و ماذا أفعل في رأيك ؟ " " بداية عليك أن تعاملي حسام معاملة لائقة لكن في حدود لأنه رئيس عملك و تنتظرين أن يعترف لك بمشاعره لكن لا تنتظري كثيرا ربما هو لا يبادلك مشاعرك . " " نعم ؛ أوافقك في ذلك " " كما أنني أشجعك كيثرا على أن تتركي ياسر و لا تقابلينه مجددا أولا لأنك لا تحبينه ؛ و ثانيا لأنك تعلمين أنني أرفض هذا النوع من العلاقات . " " و ماذا بعد يا مفكرتي المبدعة ؟ " " أحييك بشدة على رفضك للارتباط بمحمد للأسباب التي ذكرتيها ؛ و هكذا تكونين قد تخلصت من إثنين يحبونك لكنك لا تشعرين تجاههما بشيء . " " لا ؛ لا أعتقد أن محمد أراد الارتباط بي لأنه يكّن إليّ شيئا يا نهاد ؟ " " لماذا ؟ " " لم يمر الوقت الكافي لذلك ، كما أنني كنت أرى في عينيه مشاعر إعجاب فقط ؛ لقد أرادني بعقله لا بقلبه و أنا أريد من يختارني بالإثنين معا . " " عموما يبدو أنه شخص محترم ؛ أتمنى أن يرزقه الله بمن يحبها بحق و ... و قبل أن تكمل نهاد جملتها رن جرس الهاتف فنظرت إلى نسرين التي تعجبت بدورها لأن الوقت متأخر ؛ ثم أسرعت خارج الغرفة تلتقط سماعة الهاتف و اندهشت فور سماعها صوت ريم و هي تبكي بكاءا خافتا ؛ فقالت لها : " ريم .. ماذا بك ؟ لماذا تبكين ؟ " ردت ريم بصوت هاديء قائلة : " نسرين .. كيف حالك ؟ آسفة لأنني أزعجتكم في مثل ذلك الوقت . " " لا .. أبدا ؛ أنا بخير الحمد لله لكن ماذا بك ؟ " خرجت نهاد من غرفتها مسرعة و نظرت لنسرين نظرة متسائلة حينما أشارت لها نسرين بإصبعها لتنتظر قليلا و حينها ردت ريم قائلة : " لا تقلقي ؛ أنا بخير لكن أسناني تؤلمني بشدة لدرجة البكاء و لا أستطيع النوم ، فكرت في أن أسأل نهاد إن كانت تعرف طبيبا فأنت تعلمين أن الوقت متأخر و لن أجد أحدا الآن . " " نعم الوقت متأخر .. لكن .. انتظري .. أنا أعلم طبيب محتمل أن يراك الآن ، أغلقي الخط و أنا سأحدثه و أعلمك فورا . " و حينما وضعت نسرين سماعة الهاتف نظرت لنهاد و أوضحت لها الموقف ثم أسرعت لغرفتها و تناولت هاتفها الخلوي و أدارت رقم محمد الذي كان مازال مستيقظا و رحب بها كثيرا ثم أخبرها بعنوان عيادته و قال لها " منتظركم و سألقاكم بعد ساعة . "

تحب تشرب شاي ؟ ج6

" ماذا تقول ؟ " نظر إليها محمد في اندهاش و قال لها : " ماذا بك ؟ ما سر ذهولك ؟ أتتعجبين لأنني أريد الارتباط بك ؟ " نظرت نسرين إلى محمد في خجل و قالت له : " لا ؛ لقد فاجأتني في الحقيقة ، فلتكمل حديثك . " نظر لها نظرة عميقة و قال : " لقد أنهيت حديثي يا آنسة نسرين ، أعتقد أنك أنت من يتوجب عليك الحديث . " صمتت نسرين و أطرقت رأسها قليلا خجلا و حاولت جمع شتات أفكارها و قالت له في هدوء : " حقيقة يا أستاذ محمد أنت شاب ممتاز و تحمل جميع المواصفات التي تحلم بها أي فتاة ؛ فأنت طبيب مشهور و شديد الوسامة و تستطيع أن تسعد أي فتاة لكنني لا أستطيع قبول طلبك بكل أسف . " ابتلع محمد ريقه و قال لها متسائلا : " هل يمكنني أن أعرف السبب ؟ " " السبب بسيط جدا لكنك يمكن أن تعتبره لاشيء ، حقيقة أود الارتباط بشخص أحبه و أنا احترمك بشدة و أحبك لكن كأخ أو صديق ، أنا آسفة جدا . " ابتسم محمد لها في حنو و قال لها : " لا تعتذري ، لقد ازداد احترامي لك كما أنني احترم وجهة نظرك بشدة ولا تقلقي أنا أيضا يسعدني أن تعتبريني بمثابة أخ لك أو صديق . " سعدت نسرين كثيرا بحديثه و قالت له : " أشكرك جدا على تفهمك للموقف يا أستاذ محمد و لقد أحببتك الآن أكثر من أي وقت مضى . " نظر لها عابسا قليلا و قال : " بما أننا أصدقاء الآن لا داعي للألقاب . " ابتسمت نسرين أكثر و قالت له : " حسنا وهو كذلك يا محمد . " " حسنا يا آنسة نسرين . " ضحك الاثنان كثيرا و تعالت قهقهاتهم ثم وقف محمد بسرعة و قال لها : " سأنصرف الآن قبل أن يأتي حسام ، لن أجد حجة تلك المرة لزيارته في الشركة . " ضحكت نسرين و قالت له : " حسنا ، كما تحب . " سار محمد مبتعدا بعدما صافحها و كانت نسرين ما زالت تنظر له مبتسمة ، و زفرت أنفاسها بقوة كأنها ارتاحت من حمل ثقيل يتعب أنفاسها و تمنت في قرارة نفسها أن ترتاح من عبء ياسر عما قريب . دلف إلى ذلك الشارع الطويل يحدق في أطفال يلعبون كرة قدم مع بعضهم البعض بحماس شديد جعلهم يصلون إلى حد العراك و يتقاذفون بعض الألفاظ البذيئة ؛ و لكن لم يلفت انتباهه ذلك العراك بسبب ازدحام الأفكار في رأسه و قلقه الشديد . خرج من ذلك الشارع ليصل إلى تلك الحارة الضيقة التي اعتاد اللعب بها منذ كان صغيرا و سمع من يقول له : " أهلا يا أستاذنا . " نظر تجاه مصدر الصوت ليجد ( أم عبده ) جارتهم المقربة و هي تجلس أمام منزل إحدى الجيران تتحدث بصوتها المرتفع مع إحدى الجارات كعادتها دائما في وقت العصر ، و قال لها : " أهلا أم عبده . " ثم اتجه ناحية المقهى الذي اعتاد الجلوس عليه ؛ سحب كرسيا و جلس عليه وأشار إلى عبده ابن جارتهم و الذي يعمل بالمقهى و قال له : " أريد ساندويتش فول و كوب شاي سريعا . " مشى عبده بسرعة ليلبي باقي طلبات الزبائن بينما جلس ياسر ينظر أمامه شاردا و حينها سمع من يقول له : " فيما تفكر يا ياسر ؟ " نظر ياسر تجاه مصدر الصوت فوجد جاره و صديق عمره حسن يسحب كرسيا آخر ليجلس قبالته فقال له ياسر في هدوء : " أهلا حسن ؟ كيف أحوالك ؟ " " الحمد لله ، و أنت ؟ " " الحمد لله . " نظر له حسن في تشكك و قال له : " حقا ؟ هل أنت متأكد أنك بخير ؟ " صمت ياسر و لم يرد على سؤال صديقه بينما طلب حسن من عبده أن يحضر له كوب شاي و التفت إلى ياسر و سأله : " ماذا بك ؟ ألم تحصل على سمكة كبيرة تلك المرة ؟ " " بلى ، حصلت . " " و ما الذي يحزنك إذن ؟ هل هي قبيحة الشكل ؟ " رد ياسر بسرعة : " لا إنها رائعة . " و شرد قليلا ثم قال : " بل أكثر من رائعة . " نظر له حسن في ذهول و قال له : " إذن أين المشكلة ؟ " " المشكلة أنني أحببتها حقا . " " أحببتها ؟ لا أصدق؛ ياسر صائد النساء الفتيات و الكبيرات في السن الغنيات و الجميلات يقع في الحب ! لا بد أنها نكتة هذا الموسم . " و بدأ حسن يسترسل في ضحكاته ثم توقف عن الضحك حينما لمح الغضب في عيني صديقه ياسر و قال في جدية : " يبدو أن الموضوع جد هذه المرة . " قال له ياسر : " كل الجدية يا حسن . " " و ما المشكلة ألا تحبك ؟ " " لا أعلم في البداية كنت أشعر بذلك بل كنت أشعر أنها لن تستطيع الاستغناء عني و لكن حينما قابلتها شعرت أنها بدأت تبتعد عني و أنها لم تعد تبالي بي أو بمشاعري . " " إذن فلتصارحها . " نظر له ياسر في ضيق أكثر و قال منفعلا : " أصارحها ؟ ماذا أخبرها ؟ أخبرها أنني لست خريج كلية تجارة و أنني حاصل على دبلوم و لم أكمل تعليمي ؟ أخبرها أنني لا أملك شركة كمبيوتر فقط أقوم بتأجير محل صغير به بعض أجهزة الكمبيوتر التي لا تتعدى أربعة أجهزة ليلعب عليها الأطفال ؟ و ماذا أعطيها ؟ فقري الشديد أم ماضيّ الأسود ؟ أتعتقد أنها ستحب رجل نصاب من الدرجة الأولى ؟ " أطرق حسن رأسه و هو يشعر بمعاناة صديقة و لا يعرف كيف يرد عليه ؟ و صمت الرجلان ........

تحب تشرب شاي ؟ ج5

رحبت ريم ب ( سيف ) كونه مديرهم الجديد و أرادت أن تكسر ثلج ذلك الجو البارد الذي نشأ من ثرثرة نهاد في اعتقادها فهي لا تعرف سر ذهول نهاد و لا سر سخرية سيف ، شكرها سيف في هدوء و قال متسائلا : " لماذا أنتم هنا حتى ذلك الوقت المتأخر ؟ لقد تعدت الساعة الثامنة مساءا . " و نظر إلى نهاد نظرة ذات مغزى جعلتها تخفض رأسها حينما التقت عيناها بعينيه بينما ردت ريم قائلة : " لقد أرادت نهاد الانتظار لإنهاء بعض الأعمال و لذلك انتظرت معها حتى لا تبقى وحدها بالشركة . " نظر سيف إلى نهاد و وجه إليها كلماته الأولى منذ دخوله إلى الغرفة قائلا : " حقا ؟ يبدو أنك مجتهدة في عملك يا آنسة نهاد . " " أشكرك. " " عفوا ، لقد تأخر الوقت فلتذهبوا الآن و لكنني أريدك في غرفة مكتبي قليلا يا آنسة نهاد . " قالت له نهاد في هدوء محاولة جمع شتاتها : " حسنا . " دخل إلى غرفته حيث مكتب أبيه حينما نظرت نهاد إلى ريم و قالت : " ريم .. من فضلك إذهبي و أحضري حقيبتك و إجمعي أشيائي المتناثرة على مكتبي حتى نخرج سويا فور خروجي من غرفة مكتبه . " ردت ريم بخفة : " حسنا يا صديقتي العزيزة . " خرجت ريم من الغرفة بينما دلفت نهاد إلى غرفة مكتب سيف بعد أن طرقت باب الغرفة طرقات خفيفة ، ثم توجهت إليه و قالت في ثبات : " أتريد شيئا قبل أن أغادر؟ " " نعم ، أريد إعلامك بعض الأشياء بما أنك السكرتيرة المسئولة أمامي ، أولا أنا مديركم الجديد و هذا بالطبع بعد مرض أبي شفاه الله و عفاه قريبا بإذن الله ، ثانيا سآتي يوميا قبل ميعاد أبي بساعة و أريدك أن تحضري في نفس ذلك الوقت حتى أعرف مواعيدي و جدول أعمالي في بداية اليوم ، ثالثا أريد تجهيز كل ما أطلبه فورا و لا أريد تأجيل أي عمل . هل كلامي واضح ؟ " شعرت نهاد بلهجته الآمرة و عجرفته الظاهرة و قالت بضيق واضح : " نعم ، كلام حضرتك واضح و إن شاء الله نكون جميعا عند حسن ظن حضرتك . " " إن شاء الله .. يمكنك الآن أن تنصرفي . " و قبل خروجها أوقفها قائلا : " ألا يوجد أحد غيركم هنا بالشركة ؟ أعني أحد السعاة ؟ " " نعم ، يوجد ساعي دائما ما يترك عمله مؤخرا ، أتريد منه شيئا ؟ " " نعم ، أحب أشرب شاي ! " تراجعت نهاد للخلف قليلا و لم تعرف ماذا تقول لأنها كانت تدرك مغزى حديثه و لكنها تمالكت أعصابها و قالت : " حسنا ، سأخبره . " و قبل أن تنصرف أوقفها مرة آخرى و قام من جلسته و عبر مكتبه ثم وقف أمامها واضعا يديه في جيبيه و نظر لها نظرة عميقة ارتجفت لها و قال : " غدا ستأتين في موعدك بما أنك تأخرت اليوم و ابتداءا من بعد باكر تأتين قبل موعدك بساعة ، و حينما تأتين غدا أريدك في موضوع هام . " تيقنت على الفور أنه حقا يذكرها بالرغم من مضي أكثر من ثلاثة أسابيع على أول لقاء لهما و قالت في هدوء: " حسنا . " أشار لها بيديه و قال : " إذن تفضلي . " سارت بخطوات سريعة و هي تشعر بنظراته الثاقبة مصوبة إليها من الخلف و حينما خرجت وجدت ريم في انتظارها ثم خرجتا معا .

تحب تشرب شاي ؟ ج4

" و لكنك يا ياسر أخبرتني أنك تعمل مهندس كمبيوتر . " " حقا ؟ لا أذكر ذلك .. ربما أسأت فهمي يا نسرين ، لقد أخبرتك أنني أملك شركة لبيع و صيانة أجهزة الكمبيوتر و لكنني لست مهندسا ، فأنا خريج كلية تجارة . " نظرت له نسرين في شك قائلة : " ربما أسات فهمك من قبل . " " نعم .. عموما لا يوجد فرق كبير بين مهندس كمبيوتر و مالك شركة كمبيوتر . " أجابت نسرين دون أدنى اقتناع : " نعم ، معك حق ! " و اقترب منهم النادل حاملا ورقة الحساب ، نظر ياسر إلى الورقة فظهرت عليه بعض علامات الإرتباك ، شعرت نسرين بذلك فقالت له : " ماذا بك ؟ أيوجد مشكلة ؟ " بدأ يضع يديه في جيب قميصه و كأنه يبحث عن شيئا و قال لها آسفا : " آسف جدا يا نسرين ، لكن يبدو أن محفظة نقودي سرقت بما فيها من أوراق و نقود أو سقطت مني دون أن أشعر . " تعجبت نسرين قليلا لكنها قالت له : " لا يهم .. لا تعط للأمر أهمية ، أخبرني كم الحساب ؟ " " مائة و خمسون جنيها . " أخرجت نسرين النقود من حقيبتها و وقفت قائلة : " لا بد أن أنصرف . " وقف ياسر بسرعة و خرجا الإثنان و عند وصولهما لخارج المطعم قال لها متسائلا : " أتريدين أن تقلي سيارة أجرة أم تفضلين أن تمشي قليلا بعد وجبة الغداء ؟ " " لا ، أريد سيارة أجرة أرجوك . و أنت ؟ صحيح أين سيارتك ؟ " " سيارتي ؟ آه تذكرت تقصدين السيارة التي جئت بها المرة السابقة ؟ " " نعم . " قال مرتبكا : " إنها ليست سيارتي .. في الحقيقة سيارة صديقي ، استعرتها منه لأن سيارتي عند الميكانيكي يقوم بتصليحها بسبب الحادث الذي تعرضت له . هل تذكرين ؟ " أجابت نسرين في انفعال بسيط : " نعم أذكر ، لكنني أذكر جيدا أنك أخبرتني إنها سيارتك . " " حقا ؟ هل أخبرتك بذلك ؟ لا أذكر ، ربما أسأت التعبير أو خانني لفظي . " " ربما . " و أشار ياسر إلى سيارة أجرة قائلا : " المعادي ؟ " رن جرس الهاتف في غرفة مكتب نهاد التي كانت منهمكة في عملها بشدة ، التقطت سماعة الهاتف بسرعة قائلة : " آلو .. شركة الأصيل للسياحة .. من معي ؟ " " لو سمحت .. هل يمكنني التحدث مع أ / سيد الشربيني ؟ " " آسفة جدا ؛ إنه مريض و لم يحضر اليوم .. أتود أن أخبره شيئا ؟ " " مريض ؟ لا .. شكرا ، سأحدثه في المنزل لأطمئن عليه بنفسي ، أشكرك جدا . " "لا شكر على واجب. " وضعت نهاد سماعة الهاتف بعدما وضعت من الجانب الآخر و هي تتنفس الصعداء ، لا تعرف سر إزعاجها ، أقنعت نفسها أن السبب هو كثرة الأعمال المتراكمة عليها خاصة بع غياب مديرها و صاحب الشركة سيدالشربيني ، فهي تحترمه جدا و تعتبره بمثابة والدها الذي حرمت منه ، و هو أيضا لطالما يعاملها بلطف و يعتبرها بمثابة ابنته ، فهو ليس لديه سوى ولد واحد مسافر يدرس بالخارج . دقت الساعة الثامنة مساءا و على إثر دقاتها إرتبكت نهاد ، و هي تعرف جيدا سر إرتباكها ، كلما تدق الساعة الثامنة تشعر بهذا الاضطراب منذ إسبوعين ، إنها نفس الساعة و نفس الوقت الذي اتفقت مع ذلك الرجل المجهول أن تقابله فيه ، و لكنها لم تذهب ، نعم لم تذهب ، تراجعت في قرارها و عادت إليها شخصية نهاد القديمة ، أدركت خطأها و قررت عدم تكراره ، استمعت لكلام أختها و نفذته دون أدنى تفكير و هذا أضرها كثيرا ، ذهبت لرجل لا تعرفه و لا يعرفها تتعرف عليه و تدعوه لفنجان شاي ، لابد أنه قال عنها شيئا من إثنين إما إنها حمقاء و مجنونة و إما أنها فتاة مستهترة تتعرف على أي شاب في أي مكان و أي زمان ، و لكنها تفضل أن يعتبرها حمقاء ، و قررت عدم تكرار خطأها فكفاها ما حدث ، و يكفيها تلك الغلطة التي تعتبرها غلطة عمرها . " نهاد .. فيم تفكرين ؟ إنني هنا منذ أكثر من دقيقتين و أنت كأنك في عالم آخر ! " أفاقت نهاد من أفكارها المضطربة على صوت ريم صديقتها و زميلتها في العمل و قالت : " لا أبدا .. لا شيء ، إنني فقط مرهقة ؛ فأنا هنا منذ الصباح الباكر و أنت تعلمين كم الأعمال المتراكمة علي ّ بسبب غياب أ / سيد. " " نعم .. حقيقة كان الله في عونك يا صديقتي العزيزة ، لكن أسمعت آخر الأخبار ؟ " نظرت لها نهاد بابتسامة واهنة قائلة : " لا ، أخبريني يا وكالة رويتر . " ضحكت ريم و قالت : " هناك أخبار جديدة حول عودة إبن المدير سيف الشربيني ؛ و أن أ / سيد سيجعله يدير الشركة بدلا منه بسبب مرضه الشديد . " " هذه المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الكلام ، لا أعرف يا ريم ربما يكون صحيحا ؛ ف أ /سيد مريض جدا . " " شفاه الله و عفاه ، كم هو شخص طيب لكننا لا نعرف هل سيكون إبنه مثله أم لا ؟ " " لا .. لا أتوقع ذلك ، أنت تقولين أنه عائد من الخارج لتوه أليس كذلك ؟ " " بلى . " وقفت نهاد لتضع بعض الملفات في أرفف المكتبة التي تقع بجوار مكتبها و استدارت ل ريم قائلة : " إذن لا بد و أن يكون شخصا متعجرفا ، يريد تطبيق بعض القواعد السخيفة التي درسها بالخارج ، كلما أسمع عن شخص عاد من الخارج بعد دراسته لا بد و أن أسمع عن عجرفة و تكبر و قواعد سخيفة . " و حينما أنهت نهاد حديثها وجدت ريم تنظر في اتجاه الباب و كأنها تريد أن تلفت نظرها إلى شيء ما ، استدارت نهاد لتجد رجلا طويل عريض المنكبين له شعر أسود لامع و له عينان ثاقبتان تنظر لها في سخرية و قال : " سيف الشربيني .. المدير الجديد . " تراجعت نهاد للخلف و انعقد لسانها من هول المفاجأة ، لم تتفاجأ لأن سيف سمع حوارها مع ريم و عرف رأيها المسبق عنه ، لكن تفاجأت لأن سيف الشربيني هو ذلك الرجل المجهول ......