الأربعاء، 12 مايو 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج7

وقف حسام في شرفته المطلة على نهر النيل يتطلع إلى ذلك القمر المنير في تلك السماء شديدة الظلام ، و فكر في نفسه في أن القمر دائما ما يذكّر الإنسان بمن يحب ؛ تنظر إليه دائما فتتذكر وجه المحبوبة ؛ و تفكر في أن المحبوبة حقا أجمل من القمر ، و عند هذا الخاطر ابتسم في ثقة مفكرا أن حبيبته حقا أجمل من القمر ، و دار بخلده وجه نسرين الملائكيّ بقسماتها الرقيقة و شعرها الطويل الجذاب الذي تنسدل بعض خصلاته فوق جبينها في رقة ، و بدأت أسئلة كل ليلة تهاجمه كالعادة ؛ ظل يتساءل في نفسه لماذا لا يصارحها بمشاعره ؟ لماذا لا يقف أمامها في ثقة و يخبرها " نسرين .. أنا أحبك .. هل تقبلينني زوجا لك ؟ و بينما أفكاره تصارعه دق جرس الباب ، أسرع ليفتح الباب متسائلا من سيأتيه في مثل ذلك الوقت المتأخر ؟ ؛ فتح الباب و تفاجأ حينما وجد محمد أمامه فهو لم يعتد زيارة محمد له في المنزل خاصة في هذا الوقت المتأخر ليلا ، رحب به و لم تخف دهشته على محمد الذي ابتسم له قائلا : " ماذا بك ؟ لماذا أنت مندهش هكذا ؟ " رد حسام شبه مرتبكا قائلا : " لا .. لست مندهشا لكن الساعة تجاوزت ... قاطعه محمد قائلا : " الثانية عشرة .. أعرف ؛ لقد حضرت لأحدثك في موضوع هام . " " موضوع هام ؟ " " نعم .. موضوع يخص نسرين . " اضطرب حسام قليلا و لكنه حاول إخفاء ذلك بينما ابتسم له محمد و قال : " ماذا بك ؟ " " لا .. لا شيء ، أنا بخير ، إنني فقط أستمع إليك .. أخبرني ماذا بها نسرين ؟ هل أغضبتك في شيء ما ؟ " ***************************************** " الحب الخاطف له علامة .. له علامة .. ياخدك و يلف بحور ياما .. بحور ياما .. و يسيب القلب في دوامة ... " تصاعد صوت صباح من المذياع في غرفة نهاد و نسرين ؛ غرفة واسعة وردية اللون تحتوي على سريرين لكل منهما يفصل بينهما طاولة صغيرة عليها المذياع ؛ صور لعبد الحليم .. شادية .. رشدي أباظة و سعاد حسني معلقة على الجدار بجوار سرير نهاد بينما صور أنطوني بانديرس .. إنريكي إجلاسياس براد بيت و جوليا روبرتس معلقة بجوار سرير نسرين ؛ بالجانب الأيمن من الغرفة تجد خزانة للملابس بينما الجانب الأيسر يحتوي على طاولة زينة عليها بعض أدوات التجميل التي تستخدمها الفتاتان ؛ في آخر الغرفة أمام السريرين تجد مكتب صغير عليه جهاز حاسب آلي و بعض الأوراق بينما مكتبة صغيرة على الجدار تحتوي على بعض الإسطوانات و روايات لكتّاب قدامى . أغلقت نهاد المذياع و جلست تنظر إلى نسرين التي استرخت على سريرها لدى سماعها للأغنية و كانت تنظر لسقف الغرفة كأنها في عالم آخر ؛ و حينها استدارت نسرين لها قائلة : " لماذا أغلقت المذياع ؟ إنها أغنية جميلة ؟ " تعجبت نهاد و قالت لها : " عجبا لك يا أختاه ؛ لقد تغيرت تماما . " ابتسمت نسرين و قالت : " لماذا تقولين ذلك ؟ " " أراك دائما صامتة متأملة لكل ما حولك عكس طبيعتك المرحة المليئة بالحيوية و النشاط التي لا تتوقف عن الضحك و الكلام و الانطلاق ؛ كما أنك لا تحبين المذياع و لا الأغاني القديمة . " " نعم ؛ أعلم أن أحوالي تغيرت . " " لماذا ؟ هل الحب يفعل كل ذلك ؟ " ابتسمت نسرين في خفر و قالت : " حب ؟ هل تعتقدين يا نهاد أن الحب يمكن أن يغير من عادات الإنسان و سلوكياته ؟ " " نعم ؛ أعتقد ذلك . أعتقد أن الحب الحقيقي وحده قادر على تغيير الإنسان من حال إلى حال ، أخبريني إذن من السبب في هذا التغير ؟ حسام أليس كذلك ؟ " " حسام ؟ لماذا اعتقدت أنه حسام و ليس ياسر ؟ " " لا تخدعي نفسك يا نسرين . لقد أعجبت بحسام منذ أول وهلة ، رأيت ذلك في طريقة حديثك عنه ؛ دائما ما تحاولين إرضاؤه بشتى الطرق ؛ كما أنك تتحدثين عنه كثيرا ؛ قلما تتحدثين عن ياسر ؛ لا تتحدثين عنه إلا حينما تقابلينه لتخبريني بما حدث بينكم و لتستشيرينني في أمركم . " " و ما هو رأيك ؟ ماذا أفعل ؟ لو تعرفي كم أنا حائرة ! " " أخبريني أولا لماذا رفضت الارتباط بمحمد ؟ " " لقد أخبرتك ، لأنني لا أحبه ؟ " " هل هذا هو السبب فقط ؟ " ارتبكت نسرين و قالت : " نعم ؛ و ماذا سيكون غيره ؟ " ضحكت نهاد و قالت : " أعتقد أنك رفضته لأنك تتنظرين شخصا آخر ، و ربما أزعجك أن محمد أراد الارتباط بك بينما لم ينطق غيره بكلمة واحدة . " زفرت نسرين أنفاسها بقوة قائلة : " نعم ؛ و هذا كان سببا آخر ؛ كما أنني لا أستطيع الارتباط بشخص بينما هناك إثنان في حياتي واحد أهواه و الآخر أريد التخلص منه . " فرحت نهاد و قالت : " هل تريدين حقا التخلص من ياسر ؟ " " نعم ؛ لماذا أنت سعيدة هكذا ؟ " " لا أعلم يا نسرين ؛ لكنني لا أرتاح إليه كثيرا ، حقيقة إنني أرتاح إلى حسام أكثر منه بالرغم من أنني لم أر أحدا منهما . " " و ماذا أفعل في رأيك ؟ " " بداية عليك أن تعاملي حسام معاملة لائقة لكن في حدود لأنه رئيس عملك و تنتظرين أن يعترف لك بمشاعره لكن لا تنتظري كثيرا ربما هو لا يبادلك مشاعرك . " " نعم ؛ أوافقك في ذلك " " كما أنني أشجعك كيثرا على أن تتركي ياسر و لا تقابلينه مجددا أولا لأنك لا تحبينه ؛ و ثانيا لأنك تعلمين أنني أرفض هذا النوع من العلاقات . " " و ماذا بعد يا مفكرتي المبدعة ؟ " " أحييك بشدة على رفضك للارتباط بمحمد للأسباب التي ذكرتيها ؛ و هكذا تكونين قد تخلصت من إثنين يحبونك لكنك لا تشعرين تجاههما بشيء . " " لا ؛ لا أعتقد أن محمد أراد الارتباط بي لأنه يكّن إليّ شيئا يا نهاد ؟ " " لماذا ؟ " " لم يمر الوقت الكافي لذلك ، كما أنني كنت أرى في عينيه مشاعر إعجاب فقط ؛ لقد أرادني بعقله لا بقلبه و أنا أريد من يختارني بالإثنين معا . " " عموما يبدو أنه شخص محترم ؛ أتمنى أن يرزقه الله بمن يحبها بحق و ... و قبل أن تكمل نهاد جملتها رن جرس الهاتف فنظرت إلى نسرين التي تعجبت بدورها لأن الوقت متأخر ؛ ثم أسرعت خارج الغرفة تلتقط سماعة الهاتف و اندهشت فور سماعها صوت ريم و هي تبكي بكاءا خافتا ؛ فقالت لها : " ريم .. ماذا بك ؟ لماذا تبكين ؟ " ردت ريم بصوت هاديء قائلة : " نسرين .. كيف حالك ؟ آسفة لأنني أزعجتكم في مثل ذلك الوقت . " " لا .. أبدا ؛ أنا بخير الحمد لله لكن ماذا بك ؟ " خرجت نهاد من غرفتها مسرعة و نظرت لنسرين نظرة متسائلة حينما أشارت لها نسرين بإصبعها لتنتظر قليلا و حينها ردت ريم قائلة : " لا تقلقي ؛ أنا بخير لكن أسناني تؤلمني بشدة لدرجة البكاء و لا أستطيع النوم ، فكرت في أن أسأل نهاد إن كانت تعرف طبيبا فأنت تعلمين أن الوقت متأخر و لن أجد أحدا الآن . " " نعم الوقت متأخر .. لكن .. انتظري .. أنا أعلم طبيب محتمل أن يراك الآن ، أغلقي الخط و أنا سأحدثه و أعلمك فورا . " و حينما وضعت نسرين سماعة الهاتف نظرت لنهاد و أوضحت لها الموقف ثم أسرعت لغرفتها و تناولت هاتفها الخلوي و أدارت رقم محمد الذي كان مازال مستيقظا و رحب بها كثيرا ثم أخبرها بعنوان عيادته و قال لها " منتظركم و سألقاكم بعد ساعة . "

ليست هناك تعليقات: