الأربعاء، 12 مايو 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج8

نظر محمد إلى فم ريم بحرص متفحصاً أسنانها بدقة حتى يعرف علتها ، و بعد فحص دقيق وضع القليل من سائل طبي له رائحة مميزة بواسطة فتلات دقيقة من القطن الطبي ؛ ثم نهض متجها إلى مكتبه قائلا ً لها : " تفضلي . " نهضت ريم بخفة و جلست على كرسي يقابل مكتبه بجوار نسرين التي سألته بدورها : " ماذا بها ؟ " نظر محمد إلى ريم برقة و قال لها : " أنتِ بخير ، لا تقلقي فقط بعض التهابات في اللثة أشعرتك بألم شديد لكنني وضعت لكِ مس للثة ليخفف الألم و سيزول عنكِ بعد قليل إن شاء الله . " نظرت نسرين إليه في تعجب لأنها من سألت السؤال و ليست ريم لكنها أزاحت الفكرة من رأسها قائلة له : " نشكرك كثيرا ، و آسفين على إزعاجك كثيراً . " رد عليها مبتسماً : " لا تقولين ذلك يا نسرين ، أنت تعلمين مكانتك عندي كما أنني كنت ما زلت مستيقظاً فأنا معتاد على مثل تلك الظروف . " و نظر إلى ريم قائلاً : " سأكتب لكِ بعض الأدوية و أراكِ الإسبوع القادم إن شاء الله . " ابتسمت ريم و قالت : " إن شاء الله . " ثم خرجت الفتاتان و ذهبت كلُ منهما إلى منزلها بعد ما شكرت ريم نسرين كثيرا على ذلك الموقف النبيل . ************************** سألت نهاد ريم في اليوم التالي عن صحتها فردت ريم قائلة : " الحمد لله أحسن بكثير ؛ يبدو أنه طبيب ممتاز . " " حقاً ؟ لا أعرفه ؛ لكن نسرين تثني عليه كثيراً و تقول أنه شخص ممتاز . " ابتسمت ريم و سألت نهاد : " منذ متى تعرفت عليه نسرين ؟ " " أعتقد منذ شهرين تقريباً . هل تعلمين أنه تقدم ليخطبها من قبل ؟ " تعجبت ريم لكنها أخفت ذلك و قالت : " لم تخبرني نسرين بذلك لكنني لاحظت أنه يعاملها معاملة لائقة ؛ يبدو أنه يحبها . " " لا ، لقد تقدم إليها فقط كفتاة مناسبة ؛ نسرين أخبرتني بأنه لا يحبها . " " و هل وافقت عليه ؟ " " لا؛ لقد رفضته لأنها لا تحبه تريد الارتباط بشخص تحبه . " انقطع حديث ريم مع نهاد حينما دلف سيف إلى غرفة نهاد الملحقة بغرفة مكتبه ، ابتسمت له ريم و خرجت من الغرفة بينما وقفت نهاد لتحضر له بعض الملفات و حينها نظر إليها كعادته نظرته العميقة و قال لها : " أريدك في غرفتي . " تساءلت نهاد في نفسها ترى لماذا يريدها ؟ و خافت قليلا من فكرة أنه يريدها لسبب شخصي ؛ فمنذ أول لقاء لهما هنا في الشركة أخبرها أنه يريدها في شيء هام لكنه حتى الآن لم يصرح بذلك ، جمعت الأوراق التي تريده أن يراها و دلفت إلى مكتبه بعد خبطات قليلة . نظر إليها و قال لها : " تفضلي . " جلست في هدوء حينما أمسك بالأوراق منها و نظرت إليه في ثقة قائلة : " هل هناك خطأ ما في العمل ؟ " " لا ، لا شيء . حقيقة أنتِ مجتهدة كثيرا في عملك لحد كبير مثلما أنتِ فائقة الجمال . " إحمرت خجلاً لإطرائه و ارتعدت قليلا خاصة حينما ذكرها ذلك بجملته الأولى لها في أول لقاء بينهما في الكافيه حينما امتدح جمالها و لكنها لم تستطع أن تنكر رنة التهكم التي يتحدث بها و قالت له : " إذن لمَ تريدني ؟ " " أخبرني والدي أنكِ تعملين هنا منذ مدة طويلة كما أنه يثني عليكِ .. على أخلاقك .. اجتهادك في عملك . " " نعم ، حقيقة والدك شخص أعتز به كثيرا و أعتبره بمثابة والدي ، لطالما يشجعني منذ بداية قدومي إلى الشركة و لذلك لم يجعلني أعمل في صف المرشدات و فضل أن أظل معه كسكرتيرة لأنه لم يأتمن أحد على شئون العمل سواي ، و هذا أعتز به كثيراً . " وقف سيف و استدار حول مكتبه و وقف أمامها ثم قال : " منذ قدومي إلى هنا و أنا أود سؤالك عن أمر هام لكنني عدلت عن رأيي و قررت تأجيل ذلك السؤال إلى فترة ما أحددها أنا بعد حدوث أشياء معينة و الآن قررت أن أسألك . " ابتلعت نهاد ريقها في صعوبة و قالت : " تفضل . " نظر إليها نظرة ثابتة ثاقبة و قال : " لماذا لم تأتي للقائي و تخلفتِ عن الموعد ؟ " نظرت نهاد إليه نظرة مشدوهة و لم تعرف بم تجيب فحينما مر أكثر من شهر على اشتغاله بالشركة و لم يسألها عن تخلفها عن الموعد اعتقدت أنه لم يتذكرها و نسي كل شيء لكن الآن وضح لها كل شيء فماذا تفعل ؟ تلاشت نظراته و قالت : " أي موعد ؟ " " نهاد .. أنا أعرف شخصيتك المستقلة التي لا تحب الكذب و تفضل الوضوح ؛ فلا تستخدمي ذلك الإسلوب معي . " قالت له بصوت منخفض : " أي إسلوب ؟ " " إسلوب المراوغة . " قالت له و عيناها تلمع كأن الفكرة هبطت إليها هدية من السماء و قالت له : " حقيقة حينما التقيت بك لأول مرة و دعوتك لشرب شاي كنت أعتقدك شخصاً آخر ، و لكنني تيقنت أنه ليس أنت فيما بعد لذلك لم أحضر مرة آخرى . " " شخصاً آخر ؟ من هو ؟ " تعجبت من سؤاله و لكنها أجابت : " حقيقة توفي والديّ منذ عامين ؛ و لم يبق لي أحد سوى أختي الوحيدة نسرين ؛ و ليس لدينا أقارب سوى شخص واحد من إحدى القرى التي كان يسافر إليها والديّ ؛ كان يزورنا حينما كنت صغيرة و حينما عرف بوفاة والديّ اتصل بنا يعلمنا بقدوم إبنه ليطمئن علينا و لأنه لا يوجد أحد معنا في المنزل سواي أنا و أختي قررت أن أقابله بالخارج في ذلك الكازينو و أخبرني بألوان ملابسه مثل الألوان التي كنت ترتديها و اتفقنا على جملة ليتعرف بها كل منا على الآخر و هي تحب تشرب شاي ؟ " نظر لها في تهكم و قال : " أين رأيتِ ذلك الفيلم المثير ؟ " نظرت له في حنق و قالت : " ألا تصدقني ؟ " " بالطبع ؛ هل يعقل كلامك ؟ أولا لماذا يرسل ذلك الرجل إبنه بدلا من مجيئه بنفسه ؟ ثانيا لماذا يفكر في المجيء أصلا بعد مرور أكثر من عامين على وفاة والديك ؟! " ارتبكت قليلا ثم قالت له : " هو لا يستطيع أن يأتي لأنه مريض ، و رغبته في حضور إبنه الآن ليطمئن على أحوالنا لا ليقدم تعازيه . " نظر إليها متشككاً و قال : " حسناً ، لا بأس كنت أود فقط معرفة سر ظهورك المفاجيء و اختفاءك . يمكنك الآن أن تتفضلي . " خرجت نهاد و هي تزفر أنفاسها بقوة و تحمد الله على تلك الفكرة التي أتتها و نادمة بعض الشيء على كذبها لأنها لا تحب الكذب ، لكنها لم يكن بيدها حيلة آخرى .... دلفت نسرين إلى غرفة مكتب حسام مبتسمة و قالت له : " ما أخبار شركة الشروق ؟ هل نجحت الاتفاقية ؟ " ابتسم لها حسام قائلا : " نعم ، نجحت الحمد لله . " ابتسمت و قالت في فرحة : " أنا سعيدة لذلك جدا . " ابتسم لها و قال : " سأقيم حفلة بمنزلي احتفالا بتلك الاتفاقية . " " حقاً ؟ " " نعم ، وأود مساعدتك في ذلك هل تستطيعين ؟ " " بالطبع . فأنا أحب تنظيم الحفلات . " " إذن سأترك لكِ تلك المهمة ، و يمكنك دعوة من تحبين من عائلتك أو صديقاتك . " " أشكرك كثيراً . " خرجت نسرين و الفرحة تملأها لتلك الاتفاقية لأنها كانت تعلم مدى حرص حسام عليها من مدة و عندما أمسكت بمقبض الباب لتخرج قال لها منادياً : " نسرين .... " نظرت له مبتسمة و لكن ابتسامتها اختفت حينما سألها : " لماذا لم تخبريني أن محمد تقدم ليخطبك ؟ "

ليست هناك تعليقات: