الأربعاء، 28 أبريل 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج3

جلست نسرين منهمكة في عملها بشدة تطالع بعض الأوراق و تكتب على جهاز الحاسب الآلي الذي أمامها بعض البيانات ، ثم التفتت فجأة إلى ساعة الحائط لتجد الساعة قاربت الخامسة و لم يأت مديرها بعد ، قلقت قليلا لأن هذه هي المرة الأولى التي يتاخر فيها عن موعد عمله ؛ فهو عادة يأخذ فترة راحة بعد الظهر حتى الساعة الثالثة و لكنه اليوم تأخر ساعتين كاملتين ! و تساءلت في نفسها ترى ماذا حدث له ؟ لعل المانع خير ؛ ربما يكون مريض ... مريض ؟ لا؛ ربما نام دون ضبط المنبه . و تعجبت من حالها .. لماذا هي قلقة عليه بهذا الشكل ؟ هل لأنه مديرها و يعاملها معاملة حسنة ؟ هل لأنها تراه شخص محترم حسن السمعة ليس كباقي المدراء الذين سمعت عنهم من زميلاتها ؟ و لكن كيف تعرف أنه محترم ؟ و لماذا تثق به بتلك السرعة ؟ لم تمض عليها فترة طويلة و هي تعمل معه فقط مجرد أيام قليلة ! أم أن هناك شعورا خفيا تكنه له ؟ لا ؛ إنها تهوى ياسر ، و حينما تذكرت ياسر تذكرت موعده الذي سبب ذلك الموقف المحرج الطريف الذي حدث ل ( نهاد ) ؛ و ابتسمت في نفسها و هي سعيدة ؛ فبالرغم من أنه موقف محرج إلا أنها تحمد الله على ذلك الموقف المحرج و تلك الصدفة السعيدة التي جعلت نهاد تلتقي برجل يجذبها إليه و لأول مرة في حياتها ؛ و ربما يغير ذلك الحدث حياة نهاد و يقلبها رأسا على عقب ؛ فلطالما تمنت نسرين أن تجد نهاد الشخص الذي يحبها و الذي يشدها إليه . و تساءلت في نفسها بتهكم هل وجدت هي ذلك الشخص ؟ هل هو ياسر حقا ؟ لقد قابلته منذ يومين بعدما شفي تماما من الحادث الذي تعرض له حيث كان بسيطا و لم يسبب له جروح بالغة ، و لكن حينما قابلته شعرت أن هناك شيئا ما ينقصها و ربما ينقصه ، فلم يكن مثلما كانت تتوقع ، ليس ياسر الذي جذبها بطريقة تفكيره و كلماته الرقيقة ، بالرغم من أنه وسيم لكنه ليس الشخص الذي رسمته في خيالها ، و شعرت أنها تسرعت حينما وافقت على مقابلته بل حينما سمحت لنفسها أن تعجب بشخص عن طريق النت معتقدة أن أهم شيء طريقة التفكير . و أفاقت من شرودها على صوت شخص ما يطرق باب غرفتها ، نظرت فوجدت رجلا متوسط الطول نحيل الجسد .. أشقر الشعر .. له عينان عسليتان شديدتا الروعة .. و عرفته على الفور إنه محمد ابن عم حسام مديرها و قال لها مبتسما : " هل يمكنني الدخول ؟ " انتبهت إلى شرودها و إلى أنها لم ترحب به بعد فقالت في ارتباك : " بالطبع .. فلتتفضل " تقدم بالقرب منها و قال : " هل حسام موجود ؟ " " في الحقيقة لا .. لم يأت بعد لكن أعتقد أنه على وصول " جلس فورا على الكرسي الذي أمام مكتبها و قال : " لماذا أنت واقفة هكذا ؟ اجلسي . " ابتسمت له و جلست متسائلة : " ماذا تود أن تشرب ؟ " " فنجان قهوة بدون سكر من فضلك . " ابتسمت له و هي تضغط على زر بجوار مكتبها و بعدها بثوان دخل إليهم رجلا في الخمسين من عمره قصير القامة و نحيل الجسد .. و تدل قسمات وجهه على طيبته الشديدة و قال لنسرين : " هل تودين شيئا يا بنيتي ؟ " " نعم يا عم حسين ؛ فنجانين قهوة بدون سكر من فضلك " نظرت نسرين إلى الرجل كبير السن الطيب حينما خرج في حنان و رضا لأنه يقول لها يا بنيتي .. فهي تحب أن تسمع تلك الكلمة خاصة بعدما حرمت منها ، ثم التفتت بنظرها مرة آخرى لجهاز الحاسب الآلي حينما وجدت محمد ينظر لها في افتنان ، ارتبكت قليلا و شعرت كأن وجنتيها أصبحتا شديدتا الإحمرار و أرادت أن تفتح معه أي موضوع لتكسر هذا الصمت و لكي لا يشعر بخجلها فسألته قائلة : " و لكنك لم تخبرني ماذا تعمل ؟ " " أنا طبيب أسنان و بلا فخر . " ابتسمت له حينما دخل عليهم عم حسين الساعي _ كما تعودت نسرين أن تدعوه _ و وضع القهوة أمامهم ثم خرج ، و بدأت نسرين تتناول قهوتها حين رأت محمد ينظر إلى يديها و يسألها : " هل أنت مرتبطة ؟ " فأجابت في خفر : " لا .. لست مرتبطة " نظر لها بعينيه العسليتين نظرة صامتة حينما لمحت بريقا لامعا في عينيه كأن ذلك الخبر أسرّه .. بادلته بابتسامة رقيقة لأنها تود أن تعامله بلطف لأنه إنسان لطيف كما أنه ابن عم مديرها ، و فجأة سمعا الاثنان أصوات خطوات تقترب منهما ، فرفعت نسرين رأسها إلى الباب لتجد حسام ، سعدت حينما رأته لأنها كانت قلقة عليه منذ قليل بسبب تأخره . و وقف محمد ليصافح يديه و حينها صافحه حسام ببرود ، و بدت عليه علامات الغضب و هذا أقلقها مرة آخرى و وجدته يقول لها في لهجة شبه آمرة : " أحضري ملف شركة ( الشروق ) حالا " " حسناً " دلف الرجلان إلى غرفة حسام الملحقة بغرفة السكرتارية ، و بدأت تبحث بسرعة عن الملف و حينما أمسكت به تذكرت أنها لم تنتهي منه بعد . و قررت الاعتذار له و أن تظل بعد انتهاء مواعيد العمل لتنهيه . طرقت الباب برفق قيل دخولها حينما قال بصوت مرتفع : " تفضل " دلفت إلى الحجرة و قالت معتذرة : " آسفة جدا .. لم أستطع إنهاءه اليوم ، سأظل بعد مواعيد العمل لكي ...... و قبل أن تكمل كلامها قاطعها في حدة قائلا : " ماذا ؟ و لماذا لم تنهه قبل ذلك ؟ هل عليّ أن انتظر سيادتك و أجعل العمل مؤخرا ؟! " تعجبت نسرين كثيرا من إسلوبه و تراجعت للخلف قليلا من شدة المفاجأة قائلة في ارتباك واضح : " آسفة جدا ، و لكن يمكنني أن أقوم به قبل ذهابي حتى لو أخرني كثيرا بعد مواعيد العمل الرسمية " " تفضلي يا آنسة .. قومي بعملك .. أريد إنهاءه اليوم . " خرجت نسرين بسرعة و جلست على كرسيها تبكي بحرقة و حينما أنهت بكاءها ، مسكت القلم و بدأت تعمل حتى تنهي ذلك الملف اللعين . جلست نسرين تقص لنهاد ما حدث معها اليوم في عملها متعجبة أكثر منها غاضبة ، فهو لم يعاملها بهذا الشكل من قبل و حينما وجد أنه يوجد لديهم عدد كبير من المضيفات قرر أن يعينها سكرتيرة خاصة له .. و ظلت تؤكد لنهاد شدة احترامه . ردت نهاد تطمئنها قائلة : " لقد قلت أنه جاء اليوم متأخرا و منذ دخوله و علامات الغضب تبدو عليه ؟ " " نعم . " " إذن لا تغضبي ، ربما كان غاضبا بسبب شيء ما في حياته الشخصية ، الله وحده أعلم بظروف الناس يا نسرين . " أطرقت نسرين برأسها تفكر في حديث أختها ، و شعرت ببعض الهدوء و الطمأنينة لحديث نهاد و ابتسمت قائلة : " معك حق الله أعلم بظروفه .. و لن أحكم عليه بالسوء لمجرد موقف واحد كما أنني لا أنكر خطأي . " ساد الصمت بينهما فترة ثم تساءلت نسرين فجأة : " نهاد .. لم تخبريني ماذا ستفعلين مع ذلك الرجل الغامض ؟ " تنهدت نهاد و قالت : " لا أعلم .. إنني حائرة ، و لكن يبدو أنني لن أذهب . " " لماذا ؟ " " ماذا سأقول له ؟ هل أخبره الحقيقة ؟ " " بالطبع لا .. سنتدبر أمر ذلك و نفكر ماذا ستخبريه فيما بعد . " " هل تقصدين أنني سأكذب عليه ؟ " " الكذب مقبول في بعض الحالات بشرط ألا يؤذي أحدا كما أنني أعتقد أنك معجبة به لا تنكري . " " في الحقيقة لقد جذبتني نظراته فقط ، و لكن لا يدعى هذا حبا و لا حتى إعجابا ، كما أنني لا أريد الحب فأنت تعلمين جيدا أنني لا أجيد تلك الأمور . " " صدقيني يا نهاد حينما تشعرين بالحب تجاه شخص ما ستأخذ الأمور مجراها الطبيعي ، ستجدين نفسك تجيدين معاملته و تحاولين إرضاؤه بشتى الطرق . فالحب لا يحتاج إلى دروس و لكن فقط يحتاج مشاعر صادقة و صراحة متبادلة . " " لا أعلم ماذا أفعل إن لم أذهب للقاءه سأشعر بخيبة أمل كبيرة و إن ذهبت لا أدري ماذا سأقول لأعتذر له . " " اسمعيني يا نهاد و أجيبيني بصراحة .. هل تودين الذهاب إليه في قرارة نفسك ؟ أم أن ذلك الأمر لا يهمك ؟ " شردت نهاد بفكرها و قالت : " أريد الذهاب فعلا .. هل تعرفين ذلك الشعور حينما تقتربين من أمواج البحر الهوجاء شيئا فشيئا ؛ شيئا ما يخبرك بخطورة ذلك و أنك ربما تموتين غرقا ، لكن هناك أيضا ما يجذبك للاقتراب . هل تفهمينني ؟ " " نعم أفهمك .. إذن تريدين الذهاب ؟ " أطرقت نهاد رأسها و أجابت في حياء : " نعم . " فرحت نسرين لذلك و ردت بلهفة : " إذن ستتأنقين .. و ترتدين أجمل فستان لديك و تذهبين ، و أثناء اللقاء تتعرفين إلى ذلك الرجل المجهول أكثر و تعرفيه بشكل أفضل .. ربما هو أيضا يبادلك الإعجاب ، و لا تبالي بأمر لقاءكم السابق ؛ سنتدبر أمر ذلك و لن تخسري شيئا . " شردت نهاد بفكرها و فكرت في أن كلام أختها صحيح و لن تخسر شيئا فعلا ، ستعتذر عن سوء التفاهم الذي حدث معهما من قبل بأي حجة و تعرفه أكثر ربما يبادلها نفس مشاعرها و ربما يكون هو فتى أحلامها . و قالت في صوت هاديء لنسرين كأنها اتخذت قرارها : " نسرين .. سأذهب للقاءه . " فرحت نسرين و تمنت من أعماق قلبها أن يكون شخص مناسب و يحبها بصدق و إخلاص و حينها تعالى صوت المذياع بصوت أم كلثوم الرائع " أغدا ألقاك ؟ "

الثلاثاء، 27 أبريل 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج2

جلست نهاد و هي مأخوذة لا تعرف شيئا .. حائرة لا تعرف ماذا دهاها ؟ .. لماذا هي مشدودة إلى ذلك الرجل الغريب الذي تراه لأول مرة ؟ ، لقد قابلت أثناء عملها العديد من الرجال من هم أكثر وسامة منه و لكنها لم تجد من يجذبها و يجذب جمالها مثل هذا الرجل . ترى هل هذا حب من أول نظرة أم أنه مجرد إعجاب ؟ حب !! لا ... لا يمكن أن يكون حتى إعجاب إنها فقط مشدوهة لا أكثر ، و استطردت من عقلها هذه الأفكار حتى تعرف تتحدث معه بلباقة مثلما وعدت نسرين . أفاقت من شرودها على صوته العميق الدافيء يسألها : " فيم تفكرين ؟ هل أنت على ما يرام ؟ " " نعم أنا بخير .. لا تقلق ؛ لكنني في الحقيقة في عجلة من أمري و حضرت إلى هنا منذ وقت طويل . " " لو كنت أعرف أنني سأقابل هذا الجمال و تلك العيون الساحرة الجذابة كنت حضرت من وقت طويل " دق قلبها لهذا الإطراء و لكنها دائما كانت تسمع الكثير من كلمات الغزل و اعتادت عليها؛ لماذا هي مضطربة الآن كأنها ما زالت في سن المراهقة ؟ و استجمعت شتاتها و قالت له باتزان : " أشكرك كثيرا على هذا الإطراء ؛ لكنني متعجلة .. أريد أن أمشي .. بعد إذنك " نظر إليها نظرة شك و قال لها : " كما تحبين ..... سعدت كثيرا بلقائك " نظرت إليه كأنها مسحورة و تريد أن تملأ عينيها من ملامحه الشعر الأسود اللامع و تلك العينان الساحرتان السودوان ... و جسده الرياضي صحيح البنية . و أفاقت من نظراتها على صوته يسألها في تشكك : " هل أنت متأكدة أنك بخير ؟ " ردت بسرعة و هي تقف و تأخذ حقيبتها : " نعم أنا بخير ؛ و لكنني مضطرة أن أمشي ..... إلى اللقاء " نظر إليها في لهفة متسائلا : " هل سأقابلك مرة آخرى ؟ " نظرت إليه محاولة الابتسام : " نعم ؛ ما رأيك في يوم الثلاثاء القادم ؟ " ابتسم في فرح و قال لها : " نعم إنه مناسب جدا ؛ سأنتظرك الساعة الثامنة مساءا هل يوافقك ؟ " " نعم ؛ إلى اللقاء . " و بسرعة اتخذت خطواتها لتمشي و لكنه استوقفها و هو يمد يديه ليسلم عليها : مدت يديها المرتجفتين و لمست يديه و حينها خفق قلبها بشدة و سحبت يديها بسرعة ، لاحظ هو ذلك ناظرا إليها بسخرية قائلا : " إلى اللقاء . " سارت بخطوات سريعة مرتبكة و هي تشعر كأن نظراته مصوبة إليها حتى خرجت من الكافيه . سارت بجوار النيل وقت المساء و هي حزينة حائرة. حزينة لأنها لن تراه مرة آخرى و هذا الحزن كان يحيرها أكثر . لماذا تشعر بذلك الانقباض ؟ لماذا انجذبت إليه هكذا ؟ إنها لا تريد أن تشعر ناحيته بشيء فهي تعلم أنه إذا كان ينظر إليها بلهفة فتلك اللهفة ل ( نسرين ) و ليست لها . نسرين ؟! نعم نسرين .... سامحيني يا نسرين على تلك المشاعر إنها ليست بيدي .؛و لكن اطمئني يا أختي العزيزة لن أقابله مرة آخرى و سأفعل ما بوسعي حتى تتزوجيه إذا كان يحبك فعلا ، أما بالنسبة لي فهذه مجرد مشاعر حيرة و تخبط لا تعني لي شيئا و لن أفكر فيه فيما بعد . وصلت نهاد البيت و حينما فتحت الباب وجدت أختها تنتظرها بلهفة و هي مسرورة و تسألها بسرعة : " هل قابلتيه ؟ ما هو شكله ؟ هل هو جذاب ؟ هل أعجبتك شخصيته ؟ ما رأيك فيه ؟ لماذا تأخرت ؟ " جلست نهاد على أقرب كرسي لها و هي تصطنع ابتسامة لنسرين و قالت : " ما كل هذه الأسئلة ؟ " " أرجوك يا نهاد فلتجبيني بسرعة " " قابلته بعد ما تأخر ساعة عن الموعد ، و هو جذاب سيعجبك إن شاء الله ، و لم أتحدث معه كثيرا لأنني لا أعرف إسمه.. كيف لك ألا تخبريني بإسمه ؟! " " يا إلهي كيف لي أن أنسى ؟ و لكنك لم تذكريني أيضا " " لا يهم ؛ لقد تحججت بأنني في عجلة من أمري حتى لا أتحدث معه كثيرا ؛ و لذلك لا أستطيع أن أحكم عليه و لكن يبدو لي لطيفا " نظرت نسرين إلى أختها في فرح و قبلتها قائلة : " شكرا لك يا أختي العزيزة . إنني سعيدة اليوم لقد نجحت في لقائي مع المدير و تم تعييني ؛ و أيضا أنت نجحت في مقابلتك ل ( ياسر ) " نظرت لها نهاد و هي تبادلها ابتسامتها قائلة : " مبروك .. الحمد لله على فكرة سيقابلك الثلاثاء القادم الساعة الثامنة مساءا " " جيد إنه موعد مناسب لي .. أشكرك مرة آخري يا نهاد ، عقبال اليوم الذي تقابلين فيه شريك حياتك " نظرت إليها نهاد و هي تصطنع ابتسامة قائلة : " لقد مشيت كثيرا ؛ سأقوم و أتركك لأنام .. هل تريدين شيئا ؟ " " لا يا حبيبتي فلتنامي ، و لكن ألن تأكلي ؟ " " لا أريد ، أريد أن أنام فقط " مددت نهاد جسدها على السرير محاولة الهروب من أفكارها حتى تعرف تنام و بالفعل راحت في سبات عميق ، و فجأة استيقظت على صوت نسرين تهزها بسرعة و كأن مصيبة حدثت و تناديها بسرعة : " نهاد .... نهاد .... استيقظي " نهضت نهاد بسرعة متسائلة : " ماذا بك ؟ ماذا حدث ؟!!!!! " ردت نسرين محاولة أن تلاحق أنفاسها : " كنت أود أن أتحدث مع ياسر على النت كالعادة و لكني لم أجده ، اتصلت به فوجدته يرد عليّ و هو مرهق كثيرا يعتذر لي عن الموعد ، يخبرني أنه لم يذهب لأنه قام بحادث " اندهشت نهاد كثيرا محاولة أن تتكلم و لكنها لم تستطع سوى أن تقول : " ماذا ؟ لم يذهب ؟ إذن من هذا الذي قابلته ؟! "

الخميس، 22 أبريل 2010

لماذا نؤمن بالحب ؟

لماذا نؤمن بالحب ؟ ما هي الحكمة من تلك الأحاسيس السخيفة التي تشعر بها ؟ نعم لا تتعجب ... أحاسيس سخيفة تجتاحك ... تشعرك بأنك تبالي بشخص ما ... تهتم لأمره ... تريد أن تعرف عنه كل ما لا تعرف .... تريد أن تعيش له حياتك ... تقف بجانبه ... تساعده ... و تدفعه للأمام ... و تشعر كأن القدر يريد أن يربطك بمثل هذا الشخص ... فلماذا تربط مصيرك بشخص و بإمكانك أن تعيش في حرية ؟! و لكن الحب غريب ... كيمياء غريبة تربط بين البشر .... لا قانون له و لا معايير ... فبالرغم من القواعد التي تسلكها لإرضاء حبيبك ... و المباديء الجديدة التي يقنعك بها الحبيب .... إلا أنك تكتشف أن تلك القواعد هي في أصلها منافية لقواعد و مباديء الحرية .... يمكنك أن تترك عملا من أجل حبيب ... يمكنك أن تتخلى عن بعض الذات و الكبرياء لأجل الحبيب .... مقتنعا بأنك تحترم قانون الحب ... و لكن الحقيقة أن ذلك القانون لا يمت بصلة لأي قواعد أو مباديء الحرية الإنسانية .... تسقط فجأة في بئر من الأحزان .... تعيش شقيا مثل باقي العشاق ... تحيا في ألم لكنه ممتع ... تذرف دموعك بألم و استمتاع في آن واحد ... ترضى بهوانك من أجل الحبيب و تحاول عبثا أن تقنع نفسك أنه ما زال لديك بعض الكبرياء .... تعيش نار الشوق ... ألم الفراق ... غيرة و وحدة و انكسار ... و مع ذلك تجري وراء الحب ... تبحث عنه في كل مكان ... تحيا و تموت من أجل قصة حب واحدة صادقة ... أليس هذا جنونا ؟ أليست هذه مشاعر سخيفة ؟ و بالرغم من سخفها ... و بالرغم من جنونك ... إلا أننا لا نستطيع أن نعيش بدون حب .... نكهة الحياة ... الحب نار ... الحب عذاب ... الحب شقاء ... الحب فراق ... و لكنه في النهاية حب ... لذا من منا لا يؤمن بالحب ؟ !

كابوس

في الليل تهاجمني أفكاري تعصف بكياني فأفكر في حالي كيف كنت ؟ و إلامَ صرت ؟ حملُ ثقيلُ أنا عبء على الكل حتى على أنا الألم يعصف نفسي الدموع تنهمر على وجهي الوجع يدغدغ جسدي المرض يجتاح عقلي الخوف يقهرني و يكبلني أبحث حولي لعلي أجد ... صديق ... قريب ... أو حتى حبيب فأجدني وحيدة ... أرثى لحالي .. لوحدتي و عذابي ثم ... أجدكم فأسعد للقاءكم ربما تشعرون حزني ربما تدركون جفائي ربما أخبركم سر صمتي لكن ماذا أخبركم ؟ و لماذا أخبركم ؟ لماذا تشاركون حزني ؟ لماذا تعانون شقائي ؟ لتساعدوني ؟ .. فكيف تساعدوني ؟ فهمي لا حل له ... و قدري لا مفر منه ... إذن لماذا أخبركم ؟ لأتلقى نظرة شفقة ؟ أم لمسة رثاء ؟ لا ... لن أخرج عن صمتي و لن أفضي بمكنون صدري فهمي هو همي .. و قدري هو قدري ... ربما أنا أحيا كابوس ... و ربما هو كابوس دائم ...

رسالة إلى حبيب بعد الفراق

لماذا أنت صعب أيها الفراق ؟ ... لماذا ترهق عيناي من شدة البكاء ؟ .. لماذا تمرض قلبي من كثرة الأشواق ؟ .. لماذا أشعر بعدك بكل هذا الجفاف ؟ .. جفاف مشاعري .. جفاف حبي .. ذلك الجفاف الذي بات يشعرني بالوحدة .. وحدة عقلي .. وحدة نفسي .. وحدة قلبي فلقد عاد عقلي وحيدا بعدك .. و عادت نفسي مريضة وحيدة مثلما كانت قبلك .. و عاد قلبي جامدا جافا .. جفت الدموع من عيناي .. لم أعد قادرة على البكاء أو حتى الصراخ .. لماذا لا تعود لي يا حبيبي ؟ تعود تخبرني بحبك لي .. و أنك لم تعد تتحمل ذلك القرار .. قرار فراقنا .. قرار البعاد .... لماذا لا تأتي إلي ؟ تخبرني أنك لن لن تعيش بدوني مهما كانت الأسباب .. و مهما كانت الحواجز التي بيننا .. ستتعدى كل الحواجز و كل المفارق و تأتي إلي ... ستتحدى كل العالم لأجلي ... ستترك أفكرك البعيدة .. و ميولك اللعينة .. و تأتي إلي .. ستأخذ بيدي قائلا تعالي نهرب سويا .. سنبعد عن كل البلاد و المجتمعات .. سنتخطى جميع المسافات .. لن نعترف بوجود الناس .. لن نعرف المستحيل .. لن تعترف بسواي .. و لن أعترف بسواك .. لن نعترف إلا بالحب الذي بيننا .. لن أحيا إلا لأجلك بعد الله .. و لن تحيا إلا لأجلي بعد الله .. ترى هل بدأت أعبث بالكلمات ؟ .. ترى هل بدأت تهرب مني الحروف ؟ .. لم أعد أعرف ما أريد .. أو ما أقول .. لم أعد أعرف ما هو الصح ؟ .. و ما هو الخطأ ؟ .. أريدك فقط أن تعرف أنني أحببتك .. و أني أحبك ... و أني سأحبك ... ستظل تلك الكلمة بداخلي كلما تذكرتك .... لا .. لن أنساك حتى أتذكرك .. ستظل بداخلي مهما قابلت .. و مهما عرفت ... و طالما عشت .. ستظل ذلك الجزء المضيء في حياتي .. الذي أضحكني و أبكاني .. و اعرف .. أن ذلك القرار .. قرار البعاد . لم يكن بيدي ... و لم يكن اختياري ...و أتمنى أن ألقاك ... حتى تتأكد من أثر ذلك القرار ... حينما ترى كيف كنت ؟ ... و كيف صرت ؟ ... و تعرف أنني لم أعد أفعل سوى الانتظار .... أحبك كثيرا يا حبيبي ... يا أعز الناس ... يا كل الناس ... و لكن .. سامحني على هذا القرار ..

قرار فراق

هانت عليك ؟ أم أنا التي هانت عليك ؟ قلتها لي في لحظة كبرياء أو لحظة غضب في لحظة جرح أو لحظة ألم لا .. لا هذا و لا ذاك قلتها في لحظة فخرك و ارتياحك فخرك بجرحي .. و ارتياحك مني و قلتها .. اتركيني .. ودعيني .. و لا تحبيني هل كنت لعبة بين يديك ؟ هل كانت مشاعري ملك لك ؟ أكان خطأي اندفاعي إليك ؟ أكان جرمي اشتياقي إليك ؟ أكانت حمقاتي سؤالي عليك ؟ ألا تقدر مشاعري .. ألا ترأف بحالي .. ألا تفهم أنني أحببتك .. نعم أحبك .. و لكنك .. ربما لا تدري دموعي التي ذرفتها عليك ... لا تدري شجوني التي أخفيتها عنك .. و لا تدري عذابي الذي تحملته منك .. آآآآآآآآه و ألف آآآآآآآآه منك لو تشعر بحيرتي كل يوم بسببك لو تعرف صراعي دائما لأجلك وهبتني الحياة .. وهبتني الفرح .. وهبتني الحب .. ثم .. سلبتني كل ما أعطيت ! ألهذه الدرجة هانت عليك ؟ أصدرت حكمك عليّ و كأنني من أصدرته قبلك اتخذت قرارك دون سماع قراري و لكن ابحث في أوراقك يا حبيبي .. لعلك تعرف من الظالم و المظلوم ؟ لعلك ترى الصورة بوضوح لعلك تدرك مم يأتي الغموض ؟ لعلك تحسب كم فرصة أعطيت ؟ و لكنها هانت عليك فاسمعني .. و اعرفني لم أبك على أي شيء مضى لم أعتد الجراح و النواح اعتدت الصمود و الكبرياء فمع أنك لازلت حبيبي لكني أفضّل الانسحاب و لأنها هانت عليك قررت الرحيل عنك و تذكّر من أصدر حكمه أولا و من الذي هانت عليه ؟ و هذا قراري .. قرار فراق

حزينة لأجلك يا وطني

أتسائل في نفسي لماذا صار ما صار ؟ و لماذا ساءت الأحوال ؟ ما هو ذنبك يا مصر ؟ يا بلد الحضارة .... يا بلد العزة و الكرامة ... أذنبك حبك لوطنك ؟ أم تسامح أطيب شعوب الأرض ؟ لماذا نهان ؟ و لماذا نضيغ و نبكي و نصرخ ؟ أين الوحدة و حلم القومية ؟ و أين الحب و أين السلام ؟ تعالى لترانا يا رسول الله .... ستبكي مرارا و تصرخ مرارا ... أمتي أمتي ! أردت لنا الوحدة يا الله ... أردتنا نسترد حقوقنا و أرضنا ... ندافع عن إسلامنا .. نساءنا ... و أطفالنا ... لكنني أعتذر إليك يا الله ... أعتذر يا زماني كيف لنا تحقيق ذلك في زمن الفرقة و الانهيار ؟ كيف لك أيها التاريخ أن تمحو ما حدث من دعاة الحرب و الانكسار ؟ كيف لك يا مصر أن تغفري في زمن الظلم و القساة ؟ دموع العالم لا تكفي ... و أسف العالم لن يمحو ... دمعة واحدة من دموعك يا بلدي ... آسفة إليك يا علمي ... يا رمز العزة و الانتصار ... آسفة إليك يا وطني ... فدموعك أغلى ما عندي ... آسفة بكل لغات العالم ... فكم أنا حزينة لأجلك يا وطني !

أحبك يا أميرتي

لم أعد مثلما كنت أنا تغيرت معالم حياتي لم أعد أعرف كبريائي بدأت أرضى بهواني و كل ما كان يأويني صار لأجل حبك يرفضني خاصمني قلمي و نازعتني أفكاري خاصمتني نجومي و تجاهلني قمري حتى ليلي المظلم لم يعد يعرفني لم يعد يأويني و لا يأوى حتى أحزاني و بحري الهائج كاتم أسراري بات يرفض أحوالي و يأبى انكساري أما قلبي ....... فلقد أعلن عن انتصاره فك القيود ....... تعدى الأسوار و الحصون .... ليسرق مفتاح المفتاح الذي لطالما كان بيدي وهبك هذا المفتاح ساخرا مني طلب من قلبك أن يأويه ........ لماذا دخلت إلى حياتي ؟ لماذا اعترضت طريقي ؟ ما هذا الحب الذي يعصف بكياني ؟ ما تلك الحيرة التي تتملك أركاني ؟ ما هذا الإضطراب الذي يختلج ثنايا صدري ؟ يا متعة حياتي و عذاب ظنوني يا جنوني و جنون أحوالي رأيت فيك أحلامي معك أتراجع عن جميع قراراتي لحبك أتخلى عن كل مخططاتي لأجلك أتنازل عن كبريائي و لكن ....... لماذا أنت قاس يا حبيبي ؟ ما هذا الصمت الذي تهواه ؟ و ما هذا الغموض الذي تتحداه ؟ ألا تشتاق إلي ّ ..... ألا تشتاق لروحي .... ضحكاتي .... كلماتي لماذا لا تقولها و تريحني ؟ كلمة واحدة لكنها يا حبيبي تحمل الكثير من المعاني ! أحبك يا حبيبتي .... يا أميرتي و أميرة كل أيامي ...... قولها ان كنت تهواني و ابتعد عن طريقي ان كنت لا تبالي فلن اتحمل جرحك و انكساري

الأربعاء، 21 أبريل 2010

اطمئن .. لم أعد أهواك

اطمئن ... لم أعد أهواك اطمئن ... لن أعد بالشوق ألقاك اطمئن ... لم تعد لي سوى صورة من الذكريات اطمئن .... سأتركك تلتقي بأخريات و حينها ستعرف : تعرف أنك لن تجد الحب الذي كنت تتمناه تعرف أنني الوحيدة التي كانت حقا تهواك تعرف أنني الوحيدة التي تضمك لصدرها في وقت أساك تعرف أنني الوحيدة التي أحبتك في شتى الأحوال و لكن ...... لن أكون لك إلا في الأحلام لن أصبح بين يديك لعبة ... تتسلى بها في أوقات الفراغ اطمئن لن أقبل ب ذُلّك فالحب _ يا عزيزي _ لايعرف سوى الكبرياء فا طمئن لن أعد أهواك ...

تحب تشرب شاي ؟ ج1

" لا؛ لابد أنك تمزحين " قالتها نهاد في شبه استغراب إلى أختها توأمها نسرين و التي ردت عليها قائلة : " لماذا ؟ و ماذا في ذلك ؟ " " ماذا في ذلك ؟! كيف تطلبين مني الذهاب لمقابلة شاب لا أعرفه و لم أقابله من قبل ؟ فإذا تغاضينا عن أنه شاب و من الخطأ أن أقابله سواء بمفردي أو مع أحد فكيف نتغاضى عن أنني لا أعرفه و لا أعرف حتى شكله ؟! " ردت نسرين في محاولة يائسة لإقناع أختها نهاد التي تكبرها بخمس دقائق فقط قائلة : " أنا أيضا لا أعرف شكله و كنت سأقابله " " بالرغم من أن ذلك خطأ فأنت على الأقل تحدثت معه من قبل عن طريق الإنترنت و عرفت عنه أشياء ؛ طريقة تفكيره .... إسلوبه في الحديث .....و ما إلى ذلك " " إذا قمت بالمقارنة ستجدين أنه لا فرق بينك و بيني أو بين هذا و ذاك " " نعم ... أعلم ذلك ، و لكنني أيضا خائفة فهذا شيء جديد عليّ ؛ أنت تعلمين جيدا أن تلك هي المرة الأولى التي أقابل فيها رجلا أو شابا بمفردي كما أنني لا أجيد حتى الحديث معهم " " لا تخافي كل ما عليك فعله هو الذهاب متأنقة _ على طريقتي و إسلوب ملابسي أنا طبعا _ تقابلين ذلك الرجل و تتحدثين معه بشكل لائق لطيف كأنك نسرين لا نهاد ، و هو كذلك ؟ " ردت نهاد و هي شاردة بدون أدنى اقتناع : " و هو كذلك ، و لكن كيف سأعرفه أو يعرفني إذا كان لم يرك من قبل مثلما تقولين ؟ " " سيرتدي بنطلون جينز لونه بيج فاتح و قميص لونه أزرق زرقة السماء لبني تقريبا و حذاء و حزام جلد لونهم بني غامق ، و أنت سترتدين أي ملابس من عندي فلم نتفق سوى على ملابسه و ألوانها حتى يعرف بعضنا الآخر " تنهدت نهاد بعمق قائلة : " و هو كذلك " و أردفت نسرين مسرعة و كأنها تذكرت شيئا هاما : " لا تنسي السؤال الهام الذي ستقوليه أول اللقاء . " تسائلت نهاد في دهشة : " ما هذا السؤال ؟ " " تحب تشرب شاي ؟ " " ماذا ؟ " ضحكت نسرين حينما رأت علامات التعجب على وجه نهاد و قالت : " نعم ؛ حينما ترينه بتلك الملابس عليك أن تذهبي إليه و تقولين ذلك السؤال و حينها سيعرف أنه أنت نسرين " " حسنا ؛سأذهب لأجلك أنت فقط " قبلتها نسرين بسرور ؛ و بالفعل ذهبت نهاد إلى المكان المقصود _ كافيه سهر الليالي _ الذي يطل على نهر النيل بعدما اختارت ما يلائم زوقها من ملابس أختها نسرين . اختارت نهاد مائدة تواجه الباب الأمامي للكافيه حتى ترى كل الأشخاص و الوجوه التي تدخل إلى الكافيه ، و حينما جلست بدأت تبحث عن ذلك الرجل المجهول الذي جذب أختها نسرين و لكنها لم تجد أحد يرتدي ملابس بيج و زرقاء اللون . لماذا تأخر هذا ال ........ ؟ يا إلهي لقد تذكرت شيئا هاما ..... إنها لا تعرف حتى إسمه ! كيف لها أن تنسى أن تسأل نسرين على إسمه ؟! و لكن هل كانت تعمل متنبئة أو كانت تنجم فكيف كانت ستعرف أنها ستقابله في يوم من الأيام ؟ و هنا بدأت تسترجع بعض الذكريات ...... إن نسرين هي أختها الوحيدة و التي تبقت لها في هذا الوجود ، فمنذ حوالي ثلاثة أعوام توفي والدهما و والدتهما و كان ذلك بعد تخرجهم بشهور حيث كان الوالد و الوالدة يذهبان في سيارتهما إلى الإسكندرية حينما قاما بحادث و توفي الاثنان ، صدمت الفتاتان لدى سماعهم هذا الخبر فهم لا يملكون خال أو عم أو أي أقارب، و قرر الإثنان الاعتماد على أنفسهم في هذه الحياة . و في الحقيقة كانتا محظوظتين حيث ترك لهم الوالد أموالا لا بأس بها في البنك ؛ كما أنهم كانوا حديثي التخرج و يمكنهم العمل في أي مكان ؛ و بالفعل تقدمت نهاد للعمل في إحدى شركات السياحة كمرشدة سياحية و تم قبولها ؛ و ساعدها على ذلك جمالها الفتان و لباقتها في الحديث و إتقانها للغتين الإنجليزية و الفرنسية ؛ و كانت تتقاضى راتبا جيدا و تبذل في سبيله مجهودات كثيرة ؛و في تلك الفترة كانت نسرين ما زالت تجلس في البيت بدون عمل و بحثت عن عمل لم تجد مطلقا و كانت بالطبع تمل من تلك الحياة لأنها محبة للحياة و تفضل الانطلاق . و من حوالي شهرين تغيرت نسرين تماما و كانت نهاد تشعر بذلك و حينما سألتها لم تخبرها نسرين بشيء متحججة بأنها استسلمت للأمر الواقع و أنها تقدمت للعمل بإحدى شركات الطيران كمضيفة جوية و من الممكن أن يتم قبولها و لكنها منتظرة أن يقوموا بتحديد ميعاد لمقابلتها أولا و اختبار لغتها و رؤية مظهرها . لم تقتنع نهاد بذلك الكلام لكنها لم تكن لحوحة و لم تلح على أختها حتى تخبرها الحقيقة خاصة أنها تعرف أن نسرين لا تخفي عنها شيئا و تخبرها دائما بكل شيء . و أمس كانت يبدو عليها إمارات الغضب و الضيق و حينما سألتها نهاد عن سبب ضيقها أخبرتها أنها كانت تتحدث مع شاب تعرفت عليه عن طريق الإنترنت و هو يعمل مهندس كمبيوتر بإحدى شركات الكمبيوتر ؛ أعجبت جدا بكلامه و طريقة تفكيره و أراد أن يقابلها و اعترضت في البداية لكنه ألح و أخبرها أنها إذا لم تقابله في تلك المرة لن يقابلها و لن يعرفها مطلقا ؛ فوافقت و أرادت هي الآخرى أن تتعرف عليه عن قرب و ترى شكله و تراه وجها لوجه و لن تخسر شيئا لأنها فقط ستقابله باحترامها ، لكن القدر أفسد جميع مخططاتها و جعلها مجبرة أن تخبر نهاد . لقد اتصلت بها الشركة التي تقدمت للعمل بها و حددت معها موعد لمقابلة مدير الشركة ، و كان الميعاد في نفس الوقت الذي حدده لها ذلك الشاب ليقابلها ؛ و هي حائرة إذا ذهبت للشركة ستخسره و من الممكن ألا تكسب وظيفتها ؛ و أيضا إذا ذهبت إليه من الممكن أن تفقد وظيفة لطالما حلمت بها و محتمل الا يعجبها أو ألا تكسبه فماذا تفعل ؟! هكذا أخبرت نهاد بكل شيء ؛ غضبت نهاد بالطبع في البداية من نسرين لأنها تصرفت خطأ و أيضا أخفت عليها أمرا من أمورها الشخصية و لكن حينما رأت الحزن في عينيها حزنت من أجلها و أرادت أن تساعدها لكنها لم تعرف كيف ؟ و هنا لمعت عينا نسرين و كأنها اكتشفت فكرة شيطانية ، و أخبرت نهاد بالفكرة .. بما أن الفتاتين توأمان و الشبه بينهم تام كأنهم أصل واحد و متطابقين تماما .. فمن الممكن أن تذهب نهاد لمقابلة الشاب و تذهب نسرين لمقابلة مدير الشركةو لن يلاحظ الشاب أي فرق إذا رأى نسرين الحقيقية فيما بعد ؛ لطالما حدثت مواقف طريفة بسبب ذلك الشبه الذي بينهما ؛ فوالدها و والدتها أنفسهم لم يستطيعا في يوم من الأيام أن يحدثوا فرقا بينهم أو يميزوهم من بعض لولا تلك الوحمة التي توجد على ذراع نسرين و لا توجد عند نهاد . وافقت نهاد بعد إصرار محدثة نفسها أنه فعلا لا يوجد فرق بينها و بين نسرين شكلا و في الملامح ، و لكن يوجد اختلاف كبير في التفكير ؛ فبالرغم من أن نهاد أكبر من نسرين بخمس دقائق فقط لكن الفرق بينهم في التفكير كأنه سنوات ، و قالت نهاد في نفسها سأرى ذلك الرجل الذي استطاع أن يخطف قلب نسرين من كلامه فقط و ربما يكون شخص جيد و مناسب لعلها تستطيع أن تحكم عليه من أول مرة تراه فيها ؛ بالرغم من أنها ليست لديها أي خبرة في أي شيء من هذه العلاقات لكنها تعمل و تقابل ناس كثيرة كل يوم و تستطيع أن تحكم عليه لعلها تطمئن على أختها . أفاقت نهاد من شرودها على أصوات خطوات تقترب ؛ نظرت إلى القادمين و لكن للأسف لم تجده بينهم ؛ نظرت إلى ساعتها فوجدت أنها تنتظره ساعة بأكملها و سيادته لم يشرف بعد ، اتصلت بنسرين على الهاتف الخلوي وجدته مغلقا طبعا لأنها الآن في الشركة تقابل مديرها للعمل ؛ اتصلت برقمه الذي أعطته لها نسرين وجدته هو الآخر مغلقا فقررت أن تمشي ؛ و بالفعل غادرت و هي غاضبة لأن أكثر شيء تكرهه في حياتها هو عدم مراعاة المواعيد و كادت أن تصطدم بشخص فحاولت أن تتفاداه و لا تصطدم به حينها التوى كاحلها و كادت أن تقع أرضا حينما وجدت يد قوية تمسكها من خصرها بقوة لكي لا تقع أرضا . اعتدلت في وقفتها تشكر ذلك الشخص و فوجئت برجل جذاب ؛ شعرت بنبضات قلبها تتسارع لدى رؤيته و لم تعرف ما دهاها ، لقد قابلت العديد من الرجال بحكم عملها لكنها لم تقابل يوما من يجذبها بذلك القدر، و فجأة لفت نظرها شيئا هاما القميص الذي يرتديه لونه أزرق فاتح زرقة السماء أو لبني تقريبا و البنطلون لونه ... نعم بيج فاتح ...... و الحذاء و الحزام ....... يا إلهي لونهم بني ........ إنه هو ...... أفاقت من تأملها و شرودها على صوته العميق الحنون يسألها : " هل أنت بخير ؟ هل تريدين بعض الماء أو الجلوس ؟ " ردت بسرعة دون أدنى تفكير : " تحب تشرب شاي ؟ " نظر لها نظرة عميقة خاطفة تتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها متأملا الشعر الأسود الحريري الذي ينسدل على كتفيها في نعومة ؛ و الأنف المستقيم و الشفتان الكرزتان ؛ و الجسم النحيل المتناسق و الفستان الحريري الأزرق الذي يعكس زرقة عينيها الجذابتين ؛ و نظر لها في شبه تهكم و تعلو وجهه ابتسامة سخرية قائلا : " نعم ...... أحب جدا "

رحلة انكساري

سرت في درب طويل لعلّي أحقق حلمي المستحيل حلم الحب و حلم السلام لّم الشمل و جمع الأحباب ظننت أنني وجدت حياتي أخيرا سأحيا و أنسى ضياعي صبرت و زاد طول انتظاري فرحت بحالي و طول صبري سعدت بفكري و حبي لوطني صعدت لأعلى سلالم مجدي وصلت لقمة طموحي و هدفي و فجأة ..... سقطت .......... و صدمت سقطت من سلالم المجد لقاع الكره و الانحطاط لبئر الفرقة و الانكسار صدمت بواقع أليم محسّر بوهم كبير و وطني يبكي و كانت هذه رحلة انكساري نعم .. انكسرت لأول مرة في حياتي جرعت اليأس و كأس المرارة لأبدأ رحلة يأسي و انكساري و انتهت قصة آمالي و حلم سلامي و حبي الخيالي عدت مثلما كنت أنا و ربما أقل مما أردت أنا لأظل بين الناس دائما حلما مستحيلا حلما ميؤسا منه

أرجوك .. لا تهواني لأجلها

أرجوك لا تهواني لأجلها لا تكّن مشاعر تجاهي حتى تنتقم منها لا تظهر اهتمامك بي أمامها لا تبدي غيرتك عليّ حتى تشفي غليلك منها لا تشتاق إليّ لتثأر لكرامتك منها و لا تجعلني طرفا في قصة عشقك لها فأنا أعلم أنك ما زلت تحبها أعلم أنك تعشقها و لن تضحي بها لن تنساها و لن تنسى حتى جرحها فلا تتلاعب بمشاعري حتى ترضي غرورك أمامها و لا تستهن بذكائي و لا تقلل من قدراتي و لا تحط من شأني أمامها فأنا _ إن كنت _ ضعيفة القلب مرهفة الحس فأنا _ إذا شئت _ شديدة المكرحسنة البصيرة و أنا _ إن كنت _ ضحيت بقلبي من قبل فاعلم أني لن أضحي بكبريائي أمامها أو أمام غيرها و لكنك ربما تتسائل ........ لماذا أصمت و أتحمل كل ذلك العبء ؟! ربما لأنني أشفق عليك من جرحها أو لأنني أعطف عليها من استفزازك لها و ربما لأنني ........ بدأت أعاني من حبك لها فأرجوك ارحمني و ارأف بحالي فأنا في غنى عن صدماتك لي فكفاني ما رأيته من الأزمان و من الأيام و كفاني ما تحملته من جروح و أرجوك ........... لا تهواني لأجلها

الثلاثاء، 20 أبريل 2010

همسات القلوب الحائرة

-أثناء غروب الشمس ......على شاطيء بحر الإسكندرية ....... في كازينو ( سهر الليالي ) ...... توسطت مائدة صغيرة هذا الكازينو.........جلست على هذه المائدة فتاة جميلة في منتصف العشرينات تقريبا ......شعرها طويل أسمر ينسدل على كتفيها ..... لها بشرة نضرة بيضاء عيناها زرقاء اللون ذو أنف مستقيم و شفتان مكتنزتان........ لها قامة طويلة و جسد متناسق .... فهي فتاة جميلة ......جميلة في كل شيء....حتى إسمها جميل يعبر عن جمالها و رقة أنوثتها......... ( رقية ). -و تطلعت رقية إلى الشمس أثناء غروبها..... كم هو جميل هذا المنظر!!! يدنو القرص الذهبي من البحر.... يذوب الإثنان معا و كأنهما عاشقين يقبلان بعضهما البعض. يوصف العلماء محبي مشهد الغروب بأنهم يائسين الحياة و هذا هو حقا شعورها الحالي.... كم هي حزينة الآن!!!! فهي تعتقد أنها أتعس فتاة بالكون....... هي هنا اليوم لتقوم بفسخ خطبتها.... لقد اتصلت بخطيبها ( كمال ) و أخبرته أنها تريده في شيء هام ، و طلبت منه أن يلتقيا في نفس المكان الّي يلتقيا فيه و هو كازينو ( سهر الليالي ) ، و كان هذا أول إتصال تقوم به منذ إسبوعين . لقد تشاجرت معه لسبب تافه جدا وهي تعلم ذلك جيدا فلقد كانت تنتظره هنا في الكازينو و تأخر عليها نصف ساعة بحجة أن جاءته حالة طارئة بالمستشفى ؛ فتشاجرت معه و عنفته و اتهمته بعدم احترام المواعيد ، و هي تعلم جيدا أنها مخطئة في ذلك فهي تعرفه جيدا وتعرف كم يحبها!! و كم يشتاق إلى لقاءها !! و لكنها هي التي تتشاجر معه دائما لسبب أو من دون سبب ، و لقد حاول الاتصال بها طوال الإسبوع الأول و لم ترد عليه ثم انقطع عن الاتصال بها طوال الإسبوع الماضي ، حتى اتصلت به أمس و أخبرته أنها تريد مقابلته غدا أي اليوم ، والآن يتأخر عليها مرة آخرى ، ولكن لا يهم المشكلة ليست فيه .... و لكنها تعلم جيدا أن المشكلةبها . -فلقد كانت تحب شابا يعمل طيارا ويدعى أحمد ، ولقد قابلته أول مرة في النادي وتعرفت عليه فهو ابن عم صديقتها منى ........ ولقد أعجبت به منذ أول وهلة و هو أيضا أحبها حينما وقعت عيناه عليها .... و اعترف لها بحبه ....و ظلا يتقابلا .... وكان الجميع يعلم أنه يحبها بجنون ...... و توقع الجميع أنهما سيتزوجا ...... و فعلا اتفق معها على أنه سيتقدم ليخطبها بعد عودته من السفر ؛ حيث سيسافر لمدة إسبوع و حينما يعود يتقدم لها ، و لكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ؛ فلقد توفي في يوم عودته ؛ حيث حدث سقوط للطيارة التي كان بها و مات . وعند هذه الفكرة تساقطت دمعتان على وجنتيها مسحتهما بسرعة حتى لا يراها أحد. فلقد كانت هذه الأيام أسوأ أيام تمر بها في حياتها ، و ظلت حزينة لمدة طويلة . . - و مرت ستة أشهر على هذا الحادث وهي لا تزال تتذكر أحمد، وفي تلك الفترة تقدم لها كمال و وافقت عليه العائلة وهي أيضا وافقت عليه ، فهو يحمل جميع الصفات التي تحلم بها أي فتاة ؛ فهو أكبر منها بخمس سنوات و من أسرة ثرية لها أصل عريق عدا أنه طبيب مشهور و ليست له تجارب من قبل و رفض الزواج حتى وصل إلى الثلاثين من عمره بالإضافة إلى وسامته الشديدة . لقد أحبها من أول نظرة و هي تعلم هذا ؛ فلقد رآها أول مرة في منزل صديق والده الذي كان يقيم حفلا في منزله ؛ و بالصدفة تكون زوجته من أعز صديقات والدة رقية ، و التقت العائلتان و أعجب بها وسأل عنها و عرف أنها ليست مرتبطة فتقدم ليخطبها و فرحت عائلته بذلك القرار لأنه كان عازفا عن الزواج. - و وافقت رقية على أمل أن تحبه بعد الخطوبة ، لكنها كلما جلست معه تحس كأنها تجلس مع أحمد ....... تقارن بينه و بين أحمد و لم تعد قادرة ، فلقد تمت خطوبتها منذ أربعة أشهر و المتفق عليه ان زواجهما بعد ستة أشهر أي بعد شهرين منذ الآن . ولم تعد تحتمل ... لن تحتمل أن تعيش معه في بيت واحد أو يجمع بينهما سرير واحد ....... فهي لا تزال تفكر في أحمد ....... لا تزال تتذكر كلامه ..... لا تزال تحن إلى لمسات يديه الحنون .... لا تزال تحن إلى كلماته الساحرة وهو يراقصها . – وهي تعتقد أنها بذلك تخونه و تخون كمال ، فهي تخون كمال لأنها تفكر في شخص آخر غيره .... وتخون أحمد لأنها وعدته بالزواج و الحب طوال العمر ....... كيف فكرت في يوم من الأيام أن تتزوج برجل لآخر غيره حتى لو كان هذا الرجل تتمناه فتيات كثيرات ؟!!!! كيف تخون وعدها ؟!!!! لا ... لا ... ستظل دائما على ذكراه ... ستظل دائما على أمل أن تراه في الآخرة و يجمع الله بينهما في دار الخلد ... سيكون هذا هو أملها الوحيد في الحياة ... لن تسمح لأحد أن يلمسها غيره . لقد حاولت أن تحب كمال و تفهم شخصيته ولكنها لم تستطع ، دائما ترى أحمد أمامها وهذا كان يجعلها تقسو على كمال ، فلقد كانت تسئ معاملته و تتحجج بأي سبب حتى تتشاجر معه وتعنفه ، و هو يتحمل كل هذا لأنه يحبها و يعرف أن أخلاقها جيدة ، و لكن الآن يجب أن تنهي هذه الخطوبة حتى ترتاح و تريح غيرها . الساعة الآن السادسة لقد تأخر ساعة كاملة ، و لكنها ستنتظره ما دام أخذت قرار لا بد أن تنفذه و تصمم عليه. بدأت رقية تتطلع إلى الناس الذين يجلسون حولها... هناك عدد كبير من الناس اليوم... معظمهم شباب إما فتيات تجلسن مع بعضها وتتبادلن الضحكات أو فتيان يمزحون مع غيرهم... أو عشاق أو أحباء.إنه خليط عجيب .. ولكنه يدعو للتسليه .. لعل هذا يلهيها عن افكارها . - و فجأه لفت نظرها امرأة كبيرة فى السن عجوز تجلس بمفردها وتنظر تجاه البحر... و كأنها تنتظر شيئا ما ...أو تنظر إلى المجهول ، و حينما التفتت تلك السيدة عرفتها على الفور رقية ، إنها السيدة التى تجلس على نفس المائدة . فلقد كانت فى يوم ما مع كمال فى هذا الكازينو ولاحظ كمال أنها تنظر إليها بشدة فقال لها كمال : - إلام تنظرين ؟ - إلى السيدة التى تجلس هناك وأشارت له تجاهها فنظر إليها ثم أدار وجهه وقال لها : - يقول الناس إنها امرأة مجنونة لأنها تأتى هنا كل يوم وتجلس على نفس المائدة وتنظر نفس النظرة إلى البحر ولا تتحدث مع أحد فشعروا وكأنها معقدة ولذلك يقولون أنها مجنونة . تأثرت رقية لهذا الكلام ولكنها صمتت . ولكنها ظلت تفكر فيها كلما تراها ، حتى فكرت في مرة أن تذهب إليها و تتحدث معها ولكنها خافت أن تكون المرأة مجنونة حقا وتفعل بها سوء . - وجدت السيدة العجوز رقية تنظر إليها بشدة فقامت واتكأت على عصاها وتوجهت إلى المائدة التى تجلس عليها رقية وقالت : - هل يمكننى أن أجلس هنا يا بنيتى ؟ - بالطبع تفضلى . جلست السيدة ببطىء حيث أن عظامها تؤلمها وهذا بحكم السن وحينما جلست قالت لرقية : - بالطبع تسألين من أنا ؟ - فى الحقيقة نعم ... هل تعرفيننى ؟ - لا ... لا اعرفك ، فأنا آتي إلى هذا الكازينو كل يوم و أعرف وجوه الذين يأتون هنا وأنت أكثر وجه حفظته ذاكرتى ربما لأنك بارعة الجمال . - أشكرك . - ربما تعتبرين هذا تطفل ولكن أراك دائما تجلسين على هذه المائدة ، واليوم رأيتك تبكين هل هناك مشكلة ما ؟ - لا ... لايوجد مشكلة . لقد تذكرت حادث أليم فقط . - هل أنت مخطوبة ؟ - تمسكت رقية بخاتم خطوبتها و الدبلة و اجابت مترددة : - نعم . - هل يحبك خطيبك ؟ -أجابت رقية في خفر و هي تنظر إلى الأرض دون أن تعتبر هذا فضول من السيدة أو تطفل لأنها هي التي كانت تتمنى أن تتحدث معها منذ زمن بعيد: - نعم . - إذن فعليك أن تتمسك به فقليل من الفتيات الآن من تجدن الحب الحقيقي و تكن محظوظات . - هل يمكن أن أسألك سؤالا ؟ - بالطبع يا بنيتي تفضلي . - لقد انتبهت الآن إلى أمر لم أنتبه إليه قط في حياتي و انتبهت إليه الآن بفضلك ، و هو أنني أجلس دائما على نفس المائدة في هذا الكازينو و حتى حينما أريد أن أرى خطيبي فأنا التي تحدد الموعد و أحدده في نفس الموعد تقريبا و هو وقت الغروب و لكن هذا لأسبابي الخاصة . هل أستطيع أن أسألك ما هو سببك في أنك تفعلين مثلما أفعل على ما أعتقد ؟!! - نعم .. أنا أفعل مثلك تماما و لكن الفرق بيني و بينك هو أنني آتي إلى هنا كل يوم أما أنت فأعتقد انك تأتين من وقت لآخر . - نعم . - انا أيضا لي أسبابي الخاصة ...... لقد كنت أحب من زمن بعيد .... حوالي عشرين سنة ، و كنت أتقابل مع حبيبي قبل زواجنا في هذا المكان في مثل هذا الوقت تقريبا ، و حينما تزوجنا كنا نلتقي هنا أيضا ، و لقد توفي بالحرب حيث كان ضابط بالجيش ......... وفي اليوم الذي سافر فيه إلى الجيش وهذه كانت آخر مرة رأيته فيها كان هذا القاء هنا ، و من يومها و أنا آتي إلى هذا المكان وأنتظره حتى جاءني خبر وفاته ، و أيضا لم أيأس فبدأت آتي هنا مثلما كنا نفعل قبل وفاته و حتى هذا اليوم و أنا آتي إلى هذا المكان ....... أجلس على نفس المائدة ........ أنتظره ....... أنتظر أن ألقاه فيما بعد . ربما يعتبرني البعض مجنونة و لكنني لا أعتقد أنني كذلك . تأثرت رقية لحديث السيدة العجوز و سألتها في حنو : - ألست نادمة ؟ - لست نادمة لأنني لم أحب أحد غيره .... ولكنني أعرف أنني مخطئة و أعرف أنني ضيعت فرصتي في ان أحيا مرة آخرى ........ أن أتزوج مرة آخرى ......... أن أرزق بأطفال حتى كبرت بالسن .......... أرى أطفال لإخوتي يكبرون و يصيرون شباب و فتيات ، و أنا مثلما أنا لم يتغير شيء في سوى هذا الشعر الأبيض ....... هذه التجاعيد التي تملأ وجهي ........ هذه العصا التي أتكأ عليها حتى أستطيع أن أمشي ، أمضي ليلي خائفة من أن أموت وحدي أو يحدث مكروه لي دون أن يعلم أحد ، أتمنى أن أموت و يكون معي أحد حتى لا أواجه الموت وحدي ......... فأنا لا أخاف الموت ......... ولكن أخاف الوحدة أكثر ....... و أخاف الخوف أكثر و أكثر ، لذلك لا أتمنى حياتي لأحد غيري ....... لعلك تسألين لماذا أقول لك هذا الكلام و أنا لم أعرفك من قبل وهذا أول لقاء لنا . - في الحقيقة ... نعم . - لعلني شعرت بوجود شيء ما مشترك بيني و بينك ، فلقد ذكرتني في جلستك .... و نظرتك إلى البحر والغروب .... و دموعك الصامتة ... بنفسي أيام توفي زوجي ، ولكني كنت قد تزوجت و أخذت متاعي من الدنيا وكان هذا نصيبي فرضيت به ، لكنك ما زلت شابة صغيرة و لم تتذوقي متاع الدنيا بعد ؛ فلا أريدك أن تيأسي أبدا أو تضيعي فرص في حياتك مثلي ...... عيشي سنك ..... عيشي حياتك ........ تمتعي بها ........ فالحياة حلوة لا يعيشها الإنسان سوى مرة واحدة . و قامت العجوز من الكرسي ببطيء مثلما جلست و مشت دون أن تقول كلمة آخرى ل ( رقية ) أو تودعها بينما كانت رقية ساهمة . - لقد أرسل الله لهل هذه السيدة حتى يوقظها من الوهم الذي كانت تعيشه منذ لحظات ....... كيف تفكر أن تعيش عمرها كله دون زواج حتى لو كان من أجل غرض نبيل و هو وفاءا لوعدها مع أحمد ؟!!!!!!! و لكن أحمد قد مات ....... نعم مات ........ إنه قصة حب جميلة ........ ولكنها ماتت .... إنه نبتة جميلة ......... لكنها قطفت قبل آوانها حتى لم تعد تكبر بل إنها تتلاشى وتزبل مع مرور الزمن . و ما ذنب عائلتها في ذلك أو ما ذنب الإنسان الشريف الذي يحبها ( كمال ) . إنها أنانية لا تفكر سوى في نفسها و حبها . لقد انتهت قصتها و لكنها ما زالت تعيشها . لماذا تنظر دائما إلى الوراء ؟!!! لماذا لا تنظر إلى المستقبل ؟!!! إن كمال إنسان رقيق و محترم و يحبها و يتحملها في كثير من الأوقات . لماذا لا تحاول أن تعطي نفسها فرصة و تجرب حياتها معه إذا نجحت تكملها و إذا فشلت - لا قدر الله - تستفيد منها . - لماذا ننظر دائما تحت أقدامنا ؟!!! ...... ماذا يحدث إذا وقعنا في حفرة و قمنا و وقفنا من جديد و أعادنا ترتيب ملابسنا و نظرنا أمامنا و أكملنا مشوارنا ؟!!!! ....... لماذا ننظر دائما إلى حياتنا نظرة متشائمة ؟!! .... كم هي حزينة على الأيام التي مرت بها و هي تفكر بهذا الشكل اليائس ، و تنسى أهم دور خلقها الله من أجله ألا وهو أن تكون زوجة صالحة مطيعة لزوجها ؛ تنجب منه ذرية صالحة ؛ و تكون أم نافعة تفيد أولادها و تعلمهم دينهم بحق ؛ وتكون نصف المجتمع حقا كما يقولون . كما أنها تعلم جيدا أنها أخطأت حينما كانت تقابل أحمد ، لأن هذا يتنافى مع أحكام دينها و مبادئها و تقاليد أسرتها . و لكن المهم الآن أن تفكر في مستقبلها لا ماضيها . و الله غفور الذنوب . كم هي سعيدة لأن كمال تأخر كل هذا الوقت و لأن هذه السيدة تكلمها عن نفسها في هذا الوقت و هذا اليوم بالذات . - و لفت نظرها مشهد آخر و هو مشهد لسيدة تدخل بجوار زوجها و هي تتأبط زراعه سعيدة يتبادلان الضحك و أمامهما أروع طفلين في العالم . صورة رائعة للبراءة طفلة جميلة و طفل شقي يجريان و يتضاحكان . كم هي صورة جميلة لسنة الحياة !! و كم هي صورة جميلة للهبة التي يمنحها الله للبشر و المودة التي يخلقها بين الأزواج !!! و فجأة تلمح وجه تعرفه و هو وجه كمال خطيبها و حبيبها و زوجها و أبو أولادها و كل ما سيكون لها في هذا العالم - إن شاء الله - . - و دخل كمال بقامته الممشوقة و وسامته و رجولته الظاهرة ينظر حوله و يبحث عنها حتى وقعت عيناه عليها . غريبة أول مرة تنتبه إليه و إلى ملامحه . و نظرت إليه رقية لتجده ينظر إليها بنفس الطريقة التي ينظر بها إليها دائما ... تلك النظرة الثاقبة و العينان تلمعان بفرحة اللقاء و الشوق يظهر بهما جليا مع اختلاف وجود نوع من العتاب في عينيه مع اعتزار لها عن التأخير ، كم من المشاعر الرقيقة المحترمة التي توجد بعينين تعبران عن الصدق ....... كم هو صادق فعلا و رقيق !!!! جلس كمال جلسته الهادئة و نظر إليها قائلا : -آسف على تأخيري .... لقد جاءت حالة طارئة و اضطررت إلى أن أقوم بعملية جراحية حيث لم يتواجد بالمستشفى أحد غيري . و نظر إليها بعد هذا الاعتذار الطويل و إذا به يفاجأ بعينين آخريين تنظر إليه و لم يخف عن رقية دهشته و التي قالت له في خفر : - لا يهم ... إني أحترم عملك و أقدره و أعذرك في أي وقت تتأخر فيه . نظر إليها كمال متعجبا ثم سألها : - و الآن ما هو الموضوع المهم الذي تريدينني فيه ؟ ارتبكت رقية في ردها ثم قالت و هي تنظر في اتجاهات عديدة حتى استقرت في عينيه : - أردت أن أخبرك أنني آسفة عن معاملتي السيئة لك طوال الفترة السابقة ، و أعدك أن تراني بصورة أفضل الأيام المقبلة ، آسفة . نظر إليها كمال بحنان دافق و هو يمسك يديها برفق قائلا : - اعتدت ألا أغضب من أحد أحبه ...... لو تعرفي كم أحبك !!!!!! - و أنا أيضا أحبك ...... أحبك إلى الأبد .

سيدة لها شارب !

غرفة صامتة مقيتة .. ربما هي ميتة من كثرة الصمت و السكون .. قطعت ذلك الصمت حينما بدأت تبحث عن شيء ما في أدراج مكتبها .. ربما شيئا كان سببا في دمار حياتها .. و أثناء بحثها وجدت تلك الصور التي أخفتها بعيدا عن مرأى عينيها حتى لا تبكي مرارا و تكرارا ، و بدأت تتطلع إلى الصور بعين باكية و شفاه رسمت عليها نصف ابتسامة ربما هي ابتسامة ساخرة و ربما هي ابتسامة مريرة . تركت الصور من يديها لتبحث عن تلك الورقة أو بمعنى أدق تلك الشهادة ؛ الشهادة التي تفيد بمنحها تقدير امتياز مع مرتبة الشرف في رسالة دكتوراة . أمسكت الشهادة و بدأت تتحدث في نفسها إلى الشهادة كأنها شخصا مثلها ؛ تخبرها بمكنون صدرها و ضيق حالها و زروة يأسها . تخبرها بأيام مضت حينما كانت تضج الحركة في ذلك المنزل الذي تقطن فيه خاصة تلك الغرفة التي أصبحت صامتة مقيتة . تخبرها بأيام سعيدة عاشتها مع والديها و أخيها و أختها ، أيام مليئة بالمزاح و الفرح و الحيوية . أيام كانت تذهب لمدرستها الثانوية بفخر و ثقة ، كانت محل إعجاب المدرسين و محل حسد الفتيات لا لذكائها فقط بل لجمالها الهاديء الجذاب أيضا . حيويتها .. ثقتها في نفسها .. شعورها بأنها جميلة و محل إعجاب الآخرين .. اطمئنانها و شعورها بالأمان لوجود والديها بجوارها دائما معتقدة أنهما باقيان لها حتى آخر العمر كل ذلك كان سببا في تلك الفكرة الشيطانية التي سيطرت عليها . رفضت كل عريس تقدم إليها بحجة رغبتها في تحقيق أحلامها و طموحاتها . كانت تفخر بكثرتهم و رفضها الشديد لهم ؛ و كانت تضحك حينما تطلق عليها زميلاتها ذلك اللقب الساخر ( فتاة لها شارب ) ؛ كانوا يسخرون منها لأنها غيرهن ؛ ليس لها هدف سوى تحقيق الأحلام و الطموح ؛ لا تفكر مثلهن في الحب و الارتباط بشخص واحد يمس قلبها و يجذبها إليه . لم تستمع لنصائح والدتها أو قريباتها و تخرجت في الكلية التي رغبت فيها و حصلت على شهادة الدكتوراة ، و لكن توفي والديها و تزوج أخيها و أنجب ثلاثة أطفال ، و تزوجت شقيقتها الصغرى لتنجب طفلين . و عندها صارت وحيدة تعيش بين صور و جدران ، صار منزلها مقيتا كئيبا و صارت حياتها أمقت و أكثر كآبة . لا تجد من تتحدث إليه سوى تلك الصور التي تزيد حزنها حزنا و تلك الشهادة التي لا تجد منها ردا و لا يدا تمسح دموعها و لا حضنا دافئا يشعرها بالحنان . لم يتغير شيئا فيها حتى حينما وصلت إلى منتصف الثلاينات دون زواج .. دون حب .. دون شريك للحياة . لم يتغير فيها شيء سوى أنها بعد أن كانت فتاة لها شارب أصبحت سيدة لها شارب !

نصف أمنية !

سارت بخطى واثقة متزنة بين صفوف السيارات و العربات المتراصة في ذلك الموقف القديم ... تلك العربات المسافرة لأماكن عدة ؛ كانت تشعر بنظرات الإعجاب حولها لكنها لم تبالِ لأنها اعتادت على ذلك أينما ذهبت ، و بدأت تبحث عن الركن الذي يحوي العربات و الأتوبيسات المسافرة إلى الإسكندرية و تجول بعينيها في جميع أركان الموقف . و أخيراً وجدت الركن المطلوب و فجأة قبل صعودها للعربة رأته ؛ نظرت إليه نظرات عميقة من تحت نظارتها الشمسية السوداء بمشاعر مختلطة ما بين إعجاب و تمني و لم يفت عليها نظراته الشديدة ؛ لمحت نظراته الثاقبة من تحت نظارته الشمسية السوداء ما بين إعجاب و إهتمام ، لكنها سرعان ما محت كل ذلك من عقلها و صعدت إلى الأتوبيس لتختار كرسيا بعيداً عن الناس بجوار النافذة مثلما اعتادت أن تفعل كلما كانت تسافر إلى أي مكان . جلست في مكانها بهدوء لكنها لم تستطع أن تفارق صورته من خيالها ؛ و تمنت أن يأتي إليها و يسافر معها ؛ لكنها سرعان ما أزاحت الفكرة من رأسها لتخرج كتاباً تقرأه حتى يحين موعد انطلاق الأتوبيس . و فجأة سمعت ضجة كبيرة تأتي من باب الصعود نظرت في فتور لتجده واقفاً أمامها يحاول الصعود ؛ نظرت إليه تسترجوه بأن يسرع في الصعود ليجلس بجوارها قبل أن يسبقه أحد في فعل ذلك ؛ و نظر إليها في اهتمام يطمئنها بينما يملأ الخوف أركانه من أن يأخذ أحد مكانه . أسرع في الصعود و اتجه إليها و جلس بجوارها شعرت باهتمامه و شعرت به بجوارها كأنها يطمئنها إلى حقيقة واقع ملموس لا خيال و حلم من الأحلام ؛ شعرت به يعزلها عن العالم كله يحميها من الناس و من نظراتهم المختلفة ، و أخيرا ارتخت في كرسيها بعد محاولات عدة للارتخاء بعد خوف و اضطراب و انفعال ؛ و بدأت أمنياتها تتعدد سيتحدث إليها ؛ يخبرها بمشاعره ؛ لا لن يتحدث ربما هي تتوهم كل ذلك ، لكن كيف تتوهم ذلك و هو بجوارها ؟ سيسير خلفها و يتحدث إليها ، لقد وجدها أخيراً و لن يتركها تضيع من يديه ؛ هكذا فكرت في نفسها . و فجأة توقف الأتوبيس و هبط الناس من حولها ؛ نظرت إليه فوجدته قد هبط هو الآخر دون كلام أو وعود أو أمنيات ؛ شعرت بحسرة لكنها لم تكن حسرة كبيرة و هبطت خلفه و نظرت إليه كأنها تودعه أو تودع حلمها الواقعي ؛ و ابتسمت في نفسها ساخرة قائلة على الأقل صعد ورائها .. على الأقل جلس بجوارها .. على الأقل حماها مما هو مجهول بالنسبة لها .. على الأقل تحققت لها نصف أمنية !