الأربعاء، 12 مايو 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج6

" ماذا تقول ؟ " نظر إليها محمد في اندهاش و قال لها : " ماذا بك ؟ ما سر ذهولك ؟ أتتعجبين لأنني أريد الارتباط بك ؟ " نظرت نسرين إلى محمد في خجل و قالت له : " لا ؛ لقد فاجأتني في الحقيقة ، فلتكمل حديثك . " نظر لها نظرة عميقة و قال : " لقد أنهيت حديثي يا آنسة نسرين ، أعتقد أنك أنت من يتوجب عليك الحديث . " صمتت نسرين و أطرقت رأسها قليلا خجلا و حاولت جمع شتات أفكارها و قالت له في هدوء : " حقيقة يا أستاذ محمد أنت شاب ممتاز و تحمل جميع المواصفات التي تحلم بها أي فتاة ؛ فأنت طبيب مشهور و شديد الوسامة و تستطيع أن تسعد أي فتاة لكنني لا أستطيع قبول طلبك بكل أسف . " ابتلع محمد ريقه و قال لها متسائلا : " هل يمكنني أن أعرف السبب ؟ " " السبب بسيط جدا لكنك يمكن أن تعتبره لاشيء ، حقيقة أود الارتباط بشخص أحبه و أنا احترمك بشدة و أحبك لكن كأخ أو صديق ، أنا آسفة جدا . " ابتسم محمد لها في حنو و قال لها : " لا تعتذري ، لقد ازداد احترامي لك كما أنني احترم وجهة نظرك بشدة ولا تقلقي أنا أيضا يسعدني أن تعتبريني بمثابة أخ لك أو صديق . " سعدت نسرين كثيرا بحديثه و قالت له : " أشكرك جدا على تفهمك للموقف يا أستاذ محمد و لقد أحببتك الآن أكثر من أي وقت مضى . " نظر لها عابسا قليلا و قال : " بما أننا أصدقاء الآن لا داعي للألقاب . " ابتسمت نسرين أكثر و قالت له : " حسنا وهو كذلك يا محمد . " " حسنا يا آنسة نسرين . " ضحك الاثنان كثيرا و تعالت قهقهاتهم ثم وقف محمد بسرعة و قال لها : " سأنصرف الآن قبل أن يأتي حسام ، لن أجد حجة تلك المرة لزيارته في الشركة . " ضحكت نسرين و قالت له : " حسنا ، كما تحب . " سار محمد مبتعدا بعدما صافحها و كانت نسرين ما زالت تنظر له مبتسمة ، و زفرت أنفاسها بقوة كأنها ارتاحت من حمل ثقيل يتعب أنفاسها و تمنت في قرارة نفسها أن ترتاح من عبء ياسر عما قريب . دلف إلى ذلك الشارع الطويل يحدق في أطفال يلعبون كرة قدم مع بعضهم البعض بحماس شديد جعلهم يصلون إلى حد العراك و يتقاذفون بعض الألفاظ البذيئة ؛ و لكن لم يلفت انتباهه ذلك العراك بسبب ازدحام الأفكار في رأسه و قلقه الشديد . خرج من ذلك الشارع ليصل إلى تلك الحارة الضيقة التي اعتاد اللعب بها منذ كان صغيرا و سمع من يقول له : " أهلا يا أستاذنا . " نظر تجاه مصدر الصوت ليجد ( أم عبده ) جارتهم المقربة و هي تجلس أمام منزل إحدى الجيران تتحدث بصوتها المرتفع مع إحدى الجارات كعادتها دائما في وقت العصر ، و قال لها : " أهلا أم عبده . " ثم اتجه ناحية المقهى الذي اعتاد الجلوس عليه ؛ سحب كرسيا و جلس عليه وأشار إلى عبده ابن جارتهم و الذي يعمل بالمقهى و قال له : " أريد ساندويتش فول و كوب شاي سريعا . " مشى عبده بسرعة ليلبي باقي طلبات الزبائن بينما جلس ياسر ينظر أمامه شاردا و حينها سمع من يقول له : " فيما تفكر يا ياسر ؟ " نظر ياسر تجاه مصدر الصوت فوجد جاره و صديق عمره حسن يسحب كرسيا آخر ليجلس قبالته فقال له ياسر في هدوء : " أهلا حسن ؟ كيف أحوالك ؟ " " الحمد لله ، و أنت ؟ " " الحمد لله . " نظر له حسن في تشكك و قال له : " حقا ؟ هل أنت متأكد أنك بخير ؟ " صمت ياسر و لم يرد على سؤال صديقه بينما طلب حسن من عبده أن يحضر له كوب شاي و التفت إلى ياسر و سأله : " ماذا بك ؟ ألم تحصل على سمكة كبيرة تلك المرة ؟ " " بلى ، حصلت . " " و ما الذي يحزنك إذن ؟ هل هي قبيحة الشكل ؟ " رد ياسر بسرعة : " لا إنها رائعة . " و شرد قليلا ثم قال : " بل أكثر من رائعة . " نظر له حسن في ذهول و قال له : " إذن أين المشكلة ؟ " " المشكلة أنني أحببتها حقا . " " أحببتها ؟ لا أصدق؛ ياسر صائد النساء الفتيات و الكبيرات في السن الغنيات و الجميلات يقع في الحب ! لا بد أنها نكتة هذا الموسم . " و بدأ حسن يسترسل في ضحكاته ثم توقف عن الضحك حينما لمح الغضب في عيني صديقه ياسر و قال في جدية : " يبدو أن الموضوع جد هذه المرة . " قال له ياسر : " كل الجدية يا حسن . " " و ما المشكلة ألا تحبك ؟ " " لا أعلم في البداية كنت أشعر بذلك بل كنت أشعر أنها لن تستطيع الاستغناء عني و لكن حينما قابلتها شعرت أنها بدأت تبتعد عني و أنها لم تعد تبالي بي أو بمشاعري . " " إذن فلتصارحها . " نظر له ياسر في ضيق أكثر و قال منفعلا : " أصارحها ؟ ماذا أخبرها ؟ أخبرها أنني لست خريج كلية تجارة و أنني حاصل على دبلوم و لم أكمل تعليمي ؟ أخبرها أنني لا أملك شركة كمبيوتر فقط أقوم بتأجير محل صغير به بعض أجهزة الكمبيوتر التي لا تتعدى أربعة أجهزة ليلعب عليها الأطفال ؟ و ماذا أعطيها ؟ فقري الشديد أم ماضيّ الأسود ؟ أتعتقد أنها ستحب رجل نصاب من الدرجة الأولى ؟ " أطرق حسن رأسه و هو يشعر بمعاناة صديقة و لا يعرف كيف يرد عليه ؟ و صمت الرجلان ........

ليست هناك تعليقات: