الأربعاء، 12 مايو 2010

تحب تشرب شاي ؟ ج4

" و لكنك يا ياسر أخبرتني أنك تعمل مهندس كمبيوتر . " " حقا ؟ لا أذكر ذلك .. ربما أسأت فهمي يا نسرين ، لقد أخبرتك أنني أملك شركة لبيع و صيانة أجهزة الكمبيوتر و لكنني لست مهندسا ، فأنا خريج كلية تجارة . " نظرت له نسرين في شك قائلة : " ربما أسات فهمك من قبل . " " نعم .. عموما لا يوجد فرق كبير بين مهندس كمبيوتر و مالك شركة كمبيوتر . " أجابت نسرين دون أدنى اقتناع : " نعم ، معك حق ! " و اقترب منهم النادل حاملا ورقة الحساب ، نظر ياسر إلى الورقة فظهرت عليه بعض علامات الإرتباك ، شعرت نسرين بذلك فقالت له : " ماذا بك ؟ أيوجد مشكلة ؟ " بدأ يضع يديه في جيب قميصه و كأنه يبحث عن شيئا و قال لها آسفا : " آسف جدا يا نسرين ، لكن يبدو أن محفظة نقودي سرقت بما فيها من أوراق و نقود أو سقطت مني دون أن أشعر . " تعجبت نسرين قليلا لكنها قالت له : " لا يهم .. لا تعط للأمر أهمية ، أخبرني كم الحساب ؟ " " مائة و خمسون جنيها . " أخرجت نسرين النقود من حقيبتها و وقفت قائلة : " لا بد أن أنصرف . " وقف ياسر بسرعة و خرجا الإثنان و عند وصولهما لخارج المطعم قال لها متسائلا : " أتريدين أن تقلي سيارة أجرة أم تفضلين أن تمشي قليلا بعد وجبة الغداء ؟ " " لا ، أريد سيارة أجرة أرجوك . و أنت ؟ صحيح أين سيارتك ؟ " " سيارتي ؟ آه تذكرت تقصدين السيارة التي جئت بها المرة السابقة ؟ " " نعم . " قال مرتبكا : " إنها ليست سيارتي .. في الحقيقة سيارة صديقي ، استعرتها منه لأن سيارتي عند الميكانيكي يقوم بتصليحها بسبب الحادث الذي تعرضت له . هل تذكرين ؟ " أجابت نسرين في انفعال بسيط : " نعم أذكر ، لكنني أذكر جيدا أنك أخبرتني إنها سيارتك . " " حقا ؟ هل أخبرتك بذلك ؟ لا أذكر ، ربما أسأت التعبير أو خانني لفظي . " " ربما . " و أشار ياسر إلى سيارة أجرة قائلا : " المعادي ؟ " رن جرس الهاتف في غرفة مكتب نهاد التي كانت منهمكة في عملها بشدة ، التقطت سماعة الهاتف بسرعة قائلة : " آلو .. شركة الأصيل للسياحة .. من معي ؟ " " لو سمحت .. هل يمكنني التحدث مع أ / سيد الشربيني ؟ " " آسفة جدا ؛ إنه مريض و لم يحضر اليوم .. أتود أن أخبره شيئا ؟ " " مريض ؟ لا .. شكرا ، سأحدثه في المنزل لأطمئن عليه بنفسي ، أشكرك جدا . " "لا شكر على واجب. " وضعت نهاد سماعة الهاتف بعدما وضعت من الجانب الآخر و هي تتنفس الصعداء ، لا تعرف سر إزعاجها ، أقنعت نفسها أن السبب هو كثرة الأعمال المتراكمة عليها خاصة بع غياب مديرها و صاحب الشركة سيدالشربيني ، فهي تحترمه جدا و تعتبره بمثابة والدها الذي حرمت منه ، و هو أيضا لطالما يعاملها بلطف و يعتبرها بمثابة ابنته ، فهو ليس لديه سوى ولد واحد مسافر يدرس بالخارج . دقت الساعة الثامنة مساءا و على إثر دقاتها إرتبكت نهاد ، و هي تعرف جيدا سر إرتباكها ، كلما تدق الساعة الثامنة تشعر بهذا الاضطراب منذ إسبوعين ، إنها نفس الساعة و نفس الوقت الذي اتفقت مع ذلك الرجل المجهول أن تقابله فيه ، و لكنها لم تذهب ، نعم لم تذهب ، تراجعت في قرارها و عادت إليها شخصية نهاد القديمة ، أدركت خطأها و قررت عدم تكراره ، استمعت لكلام أختها و نفذته دون أدنى تفكير و هذا أضرها كثيرا ، ذهبت لرجل لا تعرفه و لا يعرفها تتعرف عليه و تدعوه لفنجان شاي ، لابد أنه قال عنها شيئا من إثنين إما إنها حمقاء و مجنونة و إما أنها فتاة مستهترة تتعرف على أي شاب في أي مكان و أي زمان ، و لكنها تفضل أن يعتبرها حمقاء ، و قررت عدم تكرار خطأها فكفاها ما حدث ، و يكفيها تلك الغلطة التي تعتبرها غلطة عمرها . " نهاد .. فيم تفكرين ؟ إنني هنا منذ أكثر من دقيقتين و أنت كأنك في عالم آخر ! " أفاقت نهاد من أفكارها المضطربة على صوت ريم صديقتها و زميلتها في العمل و قالت : " لا أبدا .. لا شيء ، إنني فقط مرهقة ؛ فأنا هنا منذ الصباح الباكر و أنت تعلمين كم الأعمال المتراكمة علي ّ بسبب غياب أ / سيد. " " نعم .. حقيقة كان الله في عونك يا صديقتي العزيزة ، لكن أسمعت آخر الأخبار ؟ " نظرت لها نهاد بابتسامة واهنة قائلة : " لا ، أخبريني يا وكالة رويتر . " ضحكت ريم و قالت : " هناك أخبار جديدة حول عودة إبن المدير سيف الشربيني ؛ و أن أ / سيد سيجعله يدير الشركة بدلا منه بسبب مرضه الشديد . " " هذه المرة الأولى التي أسمع فيها هذا الكلام ، لا أعرف يا ريم ربما يكون صحيحا ؛ ف أ /سيد مريض جدا . " " شفاه الله و عفاه ، كم هو شخص طيب لكننا لا نعرف هل سيكون إبنه مثله أم لا ؟ " " لا .. لا أتوقع ذلك ، أنت تقولين أنه عائد من الخارج لتوه أليس كذلك ؟ " " بلى . " وقفت نهاد لتضع بعض الملفات في أرفف المكتبة التي تقع بجوار مكتبها و استدارت ل ريم قائلة : " إذن لا بد و أن يكون شخصا متعجرفا ، يريد تطبيق بعض القواعد السخيفة التي درسها بالخارج ، كلما أسمع عن شخص عاد من الخارج بعد دراسته لا بد و أن أسمع عن عجرفة و تكبر و قواعد سخيفة . " و حينما أنهت نهاد حديثها وجدت ريم تنظر في اتجاه الباب و كأنها تريد أن تلفت نظرها إلى شيء ما ، استدارت نهاد لتجد رجلا طويل عريض المنكبين له شعر أسود لامع و له عينان ثاقبتان تنظر لها في سخرية و قال : " سيف الشربيني .. المدير الجديد . " تراجعت نهاد للخلف و انعقد لسانها من هول المفاجأة ، لم تتفاجأ لأن سيف سمع حوارها مع ريم و عرف رأيها المسبق عنه ، لكن تفاجأت لأن سيف الشربيني هو ذلك الرجل المجهول ......

ليست هناك تعليقات: