جلست نهاد و هي مأخوذة لا تعرف شيئا .. حائرة لا تعرف ماذا دهاها ؟ .. لماذا هي مشدودة إلى ذلك الرجل الغريب الذي تراه لأول مرة ؟ ، لقد قابلت أثناء عملها العديد من الرجال من هم أكثر وسامة منه و لكنها لم تجد من يجذبها و يجذب جمالها مثل هذا الرجل . ترى هل هذا حب من أول نظرة أم أنه مجرد إعجاب ؟ حب !! لا ... لا يمكن أن يكون حتى إعجاب إنها فقط مشدوهة لا أكثر ، و استطردت من عقلها هذه الأفكار حتى تعرف تتحدث معه بلباقة مثلما وعدت نسرين .
أفاقت من شرودها على صوته العميق الدافيء يسألها :
" فيم تفكرين ؟ هل أنت على ما يرام ؟ "
" نعم أنا بخير .. لا تقلق ؛ لكنني في الحقيقة في عجلة من أمري و حضرت إلى هنا منذ وقت طويل . "
" لو كنت أعرف أنني سأقابل هذا الجمال و تلك العيون الساحرة الجذابة كنت حضرت من وقت طويل "
دق قلبها لهذا الإطراء و لكنها دائما كانت تسمع الكثير من كلمات الغزل و اعتادت عليها؛ لماذا هي مضطربة الآن كأنها ما زالت في سن المراهقة ؟ و استجمعت شتاتها و قالت له باتزان :
" أشكرك كثيرا على هذا الإطراء ؛ لكنني متعجلة .. أريد أن أمشي .. بعد إذنك "
نظر إليها نظرة شك و قال لها :
" كما تحبين ..... سعدت كثيرا بلقائك "
نظرت إليه كأنها مسحورة و تريد أن تملأ عينيها من ملامحه الشعر الأسود اللامع و تلك العينان الساحرتان السودوان ... و جسده الرياضي صحيح البنية .
و أفاقت من نظراتها على صوته يسألها في تشكك :
" هل أنت متأكدة أنك بخير ؟ "
ردت بسرعة و هي تقف و تأخذ حقيبتها :
" نعم أنا بخير ؛ و لكنني مضطرة أن أمشي ..... إلى اللقاء "
نظر إليها في لهفة متسائلا :
" هل سأقابلك مرة آخرى ؟ "
نظرت إليه محاولة الابتسام :
" نعم ؛ ما رأيك في يوم الثلاثاء القادم ؟ "
ابتسم في فرح و قال لها :
" نعم إنه مناسب جدا ؛ سأنتظرك الساعة الثامنة مساءا هل يوافقك ؟ "
" نعم ؛ إلى اللقاء . "
و بسرعة اتخذت خطواتها لتمشي و لكنه استوقفها و هو يمد يديه ليسلم عليها :
مدت يديها المرتجفتين و لمست يديه و حينها خفق قلبها بشدة و سحبت يديها بسرعة ، لاحظ هو ذلك ناظرا إليها بسخرية قائلا :
" إلى اللقاء . "
سارت بخطوات سريعة مرتبكة و هي تشعر كأن نظراته مصوبة إليها حتى خرجت من الكافيه . سارت بجوار النيل وقت المساء و هي حزينة حائرة. حزينة لأنها لن تراه مرة آخرى و هذا الحزن كان يحيرها أكثر . لماذا تشعر بذلك الانقباض ؟ لماذا انجذبت إليه هكذا ؟ إنها لا تريد أن تشعر ناحيته بشيء فهي تعلم أنه إذا كان ينظر إليها بلهفة فتلك اللهفة ل ( نسرين ) و ليست لها . نسرين ؟! نعم نسرين ....
سامحيني يا نسرين على تلك المشاعر إنها ليست بيدي .؛و لكن اطمئني يا أختي العزيزة لن أقابله مرة آخرى و سأفعل ما بوسعي حتى تتزوجيه إذا كان يحبك فعلا ، أما بالنسبة لي فهذه مجرد مشاعر حيرة و تخبط لا تعني لي شيئا و لن أفكر فيه فيما بعد .
وصلت نهاد البيت و حينما فتحت الباب وجدت أختها تنتظرها بلهفة و هي مسرورة و تسألها بسرعة :
" هل قابلتيه ؟ ما هو شكله ؟ هل هو جذاب ؟ هل أعجبتك شخصيته ؟ ما رأيك فيه ؟ لماذا تأخرت ؟ "
جلست نهاد على أقرب كرسي لها و هي تصطنع ابتسامة لنسرين و قالت :
" ما كل هذه الأسئلة ؟ "
" أرجوك يا نهاد فلتجبيني بسرعة "
" قابلته بعد ما تأخر ساعة عن الموعد ، و هو جذاب سيعجبك إن شاء الله ، و لم أتحدث معه كثيرا لأنني لا أعرف إسمه.. كيف لك ألا تخبريني بإسمه ؟! "
" يا إلهي كيف لي أن أنسى ؟ و لكنك لم تذكريني أيضا "
" لا يهم ؛ لقد تحججت بأنني في عجلة من أمري حتى لا أتحدث معه كثيرا ؛ و لذلك لا أستطيع أن أحكم عليه و لكن يبدو لي لطيفا "
نظرت نسرين إلى أختها في فرح و قبلتها قائلة :
" شكرا لك يا أختي العزيزة . إنني سعيدة اليوم لقد نجحت في لقائي مع المدير و تم تعييني ؛ و أيضا أنت نجحت في مقابلتك ل ( ياسر ) "
نظرت لها نهاد و هي تبادلها ابتسامتها قائلة :
" مبروك .. الحمد لله على فكرة سيقابلك الثلاثاء القادم الساعة الثامنة مساءا "
" جيد إنه موعد مناسب لي .. أشكرك مرة آخري يا نهاد ، عقبال اليوم الذي تقابلين فيه شريك حياتك "
نظرت إليها نهاد و هي تصطنع ابتسامة قائلة :
" لقد مشيت كثيرا ؛ سأقوم و أتركك لأنام .. هل تريدين شيئا ؟ "
" لا يا حبيبتي فلتنامي ، و لكن ألن تأكلي ؟ "
" لا أريد ، أريد أن أنام فقط "
مددت نهاد جسدها على السرير محاولة الهروب من أفكارها حتى تعرف تنام و بالفعل راحت في سبات عميق ، و فجأة استيقظت على صوت نسرين تهزها بسرعة و كأن مصيبة حدثت و تناديها بسرعة :
" نهاد .... نهاد .... استيقظي "
نهضت نهاد بسرعة متسائلة :
" ماذا بك ؟ ماذا حدث ؟!!!!! "
ردت نسرين محاولة أن تلاحق أنفاسها :
" كنت أود أن أتحدث مع ياسر على النت كالعادة و لكني لم أجده ، اتصلت به فوجدته يرد عليّ و هو مرهق كثيرا يعتذر لي عن الموعد ، يخبرني أنه لم يذهب لأنه قام بحادث "
اندهشت نهاد كثيرا محاولة أن تتكلم و لكنها لم تستطع سوى أن تقول :
" ماذا ؟ لم يذهب ؟ إذن من هذا الذي قابلته ؟! "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق