الثلاثاء، 20 أبريل 2010

سيدة لها شارب !

غرفة صامتة مقيتة .. ربما هي ميتة من كثرة الصمت و السكون .. قطعت ذلك الصمت حينما بدأت تبحث عن شيء ما في أدراج مكتبها .. ربما شيئا كان سببا في دمار حياتها .. و أثناء بحثها وجدت تلك الصور التي أخفتها بعيدا عن مرأى عينيها حتى لا تبكي مرارا و تكرارا ، و بدأت تتطلع إلى الصور بعين باكية و شفاه رسمت عليها نصف ابتسامة ربما هي ابتسامة ساخرة و ربما هي ابتسامة مريرة . تركت الصور من يديها لتبحث عن تلك الورقة أو بمعنى أدق تلك الشهادة ؛ الشهادة التي تفيد بمنحها تقدير امتياز مع مرتبة الشرف في رسالة دكتوراة . أمسكت الشهادة و بدأت تتحدث في نفسها إلى الشهادة كأنها شخصا مثلها ؛ تخبرها بمكنون صدرها و ضيق حالها و زروة يأسها . تخبرها بأيام مضت حينما كانت تضج الحركة في ذلك المنزل الذي تقطن فيه خاصة تلك الغرفة التي أصبحت صامتة مقيتة . تخبرها بأيام سعيدة عاشتها مع والديها و أخيها و أختها ، أيام مليئة بالمزاح و الفرح و الحيوية . أيام كانت تذهب لمدرستها الثانوية بفخر و ثقة ، كانت محل إعجاب المدرسين و محل حسد الفتيات لا لذكائها فقط بل لجمالها الهاديء الجذاب أيضا . حيويتها .. ثقتها في نفسها .. شعورها بأنها جميلة و محل إعجاب الآخرين .. اطمئنانها و شعورها بالأمان لوجود والديها بجوارها دائما معتقدة أنهما باقيان لها حتى آخر العمر كل ذلك كان سببا في تلك الفكرة الشيطانية التي سيطرت عليها . رفضت كل عريس تقدم إليها بحجة رغبتها في تحقيق أحلامها و طموحاتها . كانت تفخر بكثرتهم و رفضها الشديد لهم ؛ و كانت تضحك حينما تطلق عليها زميلاتها ذلك اللقب الساخر ( فتاة لها شارب ) ؛ كانوا يسخرون منها لأنها غيرهن ؛ ليس لها هدف سوى تحقيق الأحلام و الطموح ؛ لا تفكر مثلهن في الحب و الارتباط بشخص واحد يمس قلبها و يجذبها إليه . لم تستمع لنصائح والدتها أو قريباتها و تخرجت في الكلية التي رغبت فيها و حصلت على شهادة الدكتوراة ، و لكن توفي والديها و تزوج أخيها و أنجب ثلاثة أطفال ، و تزوجت شقيقتها الصغرى لتنجب طفلين . و عندها صارت وحيدة تعيش بين صور و جدران ، صار منزلها مقيتا كئيبا و صارت حياتها أمقت و أكثر كآبة . لا تجد من تتحدث إليه سوى تلك الصور التي تزيد حزنها حزنا و تلك الشهادة التي لا تجد منها ردا و لا يدا تمسح دموعها و لا حضنا دافئا يشعرها بالحنان . لم يتغير شيئا فيها حتى حينما وصلت إلى منتصف الثلاينات دون زواج .. دون حب .. دون شريك للحياة . لم يتغير فيها شيء سوى أنها بعد أن كانت فتاة لها شارب أصبحت سيدة لها شارب !

هناك تعليقان (2):

أدارة أكاديميه المستقبل يقول...

عشقت كتاباتك ايتها السيدة

وعشقت ذلك القلم ,,

ــــــأرجوكي راسليني علي هذا الاميل

fbi-oz@HOTMAIL.COM

أو يمكنك زيارتي في عذب الكلام من هنا

http://vb.ozarab.com/

ارجوكي ليست دعوة الي منتدي

بقدر اني انجذبت الي قلمك بشدة

تحياتي

جيـــــهـــان راضـــــي يقول...

أشكرك جداً لحسن مديحك ... سعدت جدا بإعجابك بكلماتي المتواضعة ...
لك مني كل الإحترام