جلست نسرين منهمكة في عملها بشدة تطالع بعض الأوراق و تكتب على جهاز الحاسب الآلي الذي أمامها بعض البيانات ، ثم التفتت فجأة إلى ساعة الحائط لتجد الساعة قاربت الخامسة و لم يأت مديرها بعد ، قلقت قليلا لأن هذه هي المرة الأولى التي يتاخر فيها عن موعد عمله ؛ فهو عادة يأخذ فترة راحة بعد الظهر حتى الساعة الثالثة و لكنه اليوم تأخر ساعتين كاملتين ! و تساءلت في نفسها ترى ماذا حدث له ؟ لعل المانع خير ؛ ربما يكون مريض ... مريض ؟ لا؛ ربما نام دون ضبط المنبه .
و تعجبت من حالها .. لماذا هي قلقة عليه بهذا الشكل ؟ هل لأنه مديرها و يعاملها معاملة حسنة ؟ هل لأنها تراه شخص محترم حسن السمعة ليس كباقي المدراء الذين سمعت عنهم من زميلاتها ؟ و لكن كيف تعرف أنه محترم ؟ و لماذا تثق به بتلك السرعة ؟ لم تمض عليها فترة طويلة و هي تعمل معه فقط مجرد أيام قليلة ! أم أن هناك شعورا خفيا تكنه له ؟ لا ؛ إنها تهوى ياسر ، و حينما تذكرت ياسر تذكرت موعده الذي سبب ذلك الموقف المحرج الطريف الذي حدث ل ( نهاد ) ؛ و ابتسمت في نفسها و هي سعيدة ؛ فبالرغم من أنه موقف محرج إلا أنها تحمد الله على ذلك الموقف المحرج و تلك الصدفة السعيدة التي جعلت نهاد تلتقي برجل يجذبها إليه و لأول مرة في حياتها ؛ و ربما يغير ذلك الحدث حياة نهاد و يقلبها رأسا على عقب ؛ فلطالما تمنت نسرين أن تجد نهاد الشخص الذي يحبها و الذي يشدها إليه .
و تساءلت في نفسها بتهكم هل وجدت هي ذلك الشخص ؟ هل هو ياسر حقا ؟ لقد قابلته منذ يومين بعدما شفي تماما من الحادث الذي تعرض له حيث كان بسيطا و لم يسبب له جروح بالغة ، و لكن حينما قابلته شعرت أن هناك شيئا ما ينقصها و ربما ينقصه ، فلم يكن مثلما كانت تتوقع ، ليس ياسر الذي جذبها بطريقة تفكيره و كلماته الرقيقة ، بالرغم من أنه وسيم لكنه ليس الشخص الذي رسمته في خيالها ، و شعرت أنها تسرعت حينما وافقت على مقابلته بل حينما سمحت لنفسها أن تعجب بشخص عن طريق النت معتقدة أن أهم شيء طريقة التفكير .
و أفاقت من شرودها على صوت شخص ما يطرق باب غرفتها ، نظرت فوجدت رجلا متوسط الطول نحيل الجسد .. أشقر الشعر .. له عينان عسليتان شديدتا الروعة .. و عرفته على الفور إنه محمد ابن عم حسام مديرها و قال لها مبتسما :
" هل يمكنني الدخول ؟ "
انتبهت إلى شرودها و إلى أنها لم ترحب به بعد فقالت في ارتباك :
" بالطبع .. فلتتفضل "
تقدم بالقرب منها و قال :
" هل حسام موجود ؟ "
" في الحقيقة لا .. لم يأت بعد لكن أعتقد أنه على وصول "
جلس فورا على الكرسي الذي أمام مكتبها و قال :
" لماذا أنت واقفة هكذا ؟ اجلسي . "
ابتسمت له و جلست متسائلة :
" ماذا تود أن تشرب ؟ "
" فنجان قهوة بدون سكر من فضلك . "
ابتسمت له و هي تضغط على زر بجوار مكتبها و بعدها بثوان دخل إليهم رجلا في الخمسين من عمره قصير القامة و نحيل الجسد .. و تدل قسمات وجهه على طيبته الشديدة و قال لنسرين :
" هل تودين شيئا يا بنيتي ؟ "
" نعم يا عم حسين ؛ فنجانين قهوة بدون سكر من فضلك "
نظرت نسرين إلى الرجل كبير السن الطيب حينما خرج في حنان و رضا لأنه يقول لها يا بنيتي .. فهي تحب أن تسمع تلك الكلمة خاصة بعدما حرمت منها ، ثم التفتت بنظرها مرة آخرى لجهاز الحاسب الآلي حينما وجدت محمد ينظر لها في افتنان ، ارتبكت قليلا و شعرت كأن وجنتيها أصبحتا شديدتا الإحمرار و أرادت أن تفتح معه أي موضوع لتكسر هذا الصمت و لكي لا يشعر بخجلها فسألته قائلة :
" و لكنك لم تخبرني ماذا تعمل ؟ "
" أنا طبيب أسنان و بلا فخر . "
ابتسمت له حينما دخل عليهم عم حسين الساعي _ كما تعودت نسرين أن تدعوه _ و وضع القهوة أمامهم ثم خرج ، و بدأت نسرين تتناول قهوتها حين رأت محمد ينظر إلى يديها و يسألها :
" هل أنت مرتبطة ؟ "
فأجابت في خفر :
" لا .. لست مرتبطة "
نظر لها بعينيه العسليتين نظرة صامتة حينما لمحت بريقا لامعا في عينيه كأن ذلك الخبر أسرّه .. بادلته بابتسامة رقيقة لأنها تود أن تعامله بلطف لأنه إنسان لطيف كما أنه ابن عم مديرها ، و فجأة سمعا الاثنان أصوات خطوات تقترب منهما ، فرفعت نسرين رأسها إلى الباب لتجد حسام ، سعدت حينما رأته لأنها كانت قلقة عليه منذ قليل بسبب تأخره . و وقف محمد ليصافح يديه و حينها صافحه حسام ببرود ، و بدت عليه علامات الغضب و هذا أقلقها مرة آخرى و وجدته يقول لها في لهجة شبه آمرة :
" أحضري ملف شركة ( الشروق ) حالا "
" حسناً "
دلف الرجلان إلى غرفة حسام الملحقة بغرفة السكرتارية ، و بدأت تبحث بسرعة عن الملف و حينما أمسكت به تذكرت أنها لم تنتهي منه بعد . و قررت الاعتذار له و أن تظل بعد انتهاء مواعيد العمل لتنهيه .
طرقت الباب برفق قيل دخولها حينما قال بصوت مرتفع :
" تفضل "
دلفت إلى الحجرة و قالت معتذرة :
" آسفة جدا .. لم أستطع إنهاءه اليوم ، سأظل بعد مواعيد العمل لكي ......
و قبل أن تكمل كلامها قاطعها في حدة قائلا :
" ماذا ؟ و لماذا لم تنهه قبل ذلك ؟ هل عليّ أن انتظر سيادتك و أجعل العمل مؤخرا ؟! "
تعجبت نسرين كثيرا من إسلوبه و تراجعت للخلف قليلا من شدة المفاجأة قائلة في ارتباك واضح :
" آسفة جدا ، و لكن يمكنني أن أقوم به قبل ذهابي حتى لو أخرني كثيرا بعد مواعيد العمل الرسمية "
" تفضلي يا آنسة .. قومي بعملك .. أريد إنهاءه اليوم . "
خرجت نسرين بسرعة و جلست على كرسيها تبكي بحرقة و حينما أنهت بكاءها ، مسكت القلم و بدأت تعمل حتى تنهي ذلك الملف اللعين .
جلست نسرين تقص لنهاد ما حدث معها اليوم في عملها متعجبة أكثر منها غاضبة ، فهو لم يعاملها بهذا الشكل من قبل و حينما وجد أنه يوجد لديهم عدد كبير من المضيفات قرر أن يعينها سكرتيرة خاصة له .. و ظلت تؤكد لنهاد شدة احترامه .
ردت نهاد تطمئنها قائلة :
" لقد قلت أنه جاء اليوم متأخرا و منذ دخوله و علامات الغضب تبدو عليه ؟ "
" نعم . "
" إذن لا تغضبي ، ربما كان غاضبا بسبب شيء ما في حياته الشخصية ، الله وحده أعلم بظروف الناس يا نسرين . "
أطرقت نسرين برأسها تفكر في حديث أختها ، و شعرت ببعض الهدوء و الطمأنينة لحديث نهاد و ابتسمت قائلة :
" معك حق الله أعلم بظروفه .. و لن أحكم عليه بالسوء لمجرد موقف واحد كما أنني لا أنكر خطأي . "
ساد الصمت بينهما فترة ثم تساءلت نسرين فجأة :
" نهاد .. لم تخبريني ماذا ستفعلين مع ذلك الرجل الغامض ؟ "
تنهدت نهاد و قالت :
" لا أعلم .. إنني حائرة ، و لكن يبدو أنني لن أذهب . "
" لماذا ؟ "
" ماذا سأقول له ؟ هل أخبره الحقيقة ؟ "
" بالطبع لا .. سنتدبر أمر ذلك و نفكر ماذا ستخبريه فيما بعد . "
" هل تقصدين أنني سأكذب عليه ؟ "
" الكذب مقبول في بعض الحالات بشرط ألا يؤذي أحدا كما أنني أعتقد أنك معجبة به لا تنكري . "
" في الحقيقة لقد جذبتني نظراته فقط ، و لكن لا يدعى هذا حبا و لا حتى إعجابا ، كما أنني لا أريد الحب فأنت تعلمين جيدا أنني لا أجيد تلك الأمور . "
" صدقيني يا نهاد حينما تشعرين بالحب تجاه شخص ما ستأخذ الأمور مجراها الطبيعي ، ستجدين نفسك تجيدين معاملته و تحاولين إرضاؤه بشتى الطرق . فالحب لا يحتاج إلى دروس و لكن فقط يحتاج مشاعر صادقة و صراحة متبادلة . "
" لا أعلم ماذا أفعل إن لم أذهب للقاءه سأشعر بخيبة أمل كبيرة و إن ذهبت لا أدري ماذا سأقول لأعتذر له . "
" اسمعيني يا نهاد و أجيبيني بصراحة .. هل تودين الذهاب إليه في قرارة نفسك ؟ أم أن ذلك الأمر لا يهمك ؟ "
شردت نهاد بفكرها و قالت :
" أريد الذهاب فعلا .. هل تعرفين ذلك الشعور حينما تقتربين من أمواج البحر الهوجاء شيئا فشيئا ؛ شيئا ما يخبرك بخطورة ذلك و أنك ربما تموتين غرقا ، لكن هناك أيضا ما يجذبك للاقتراب . هل تفهمينني ؟ "
" نعم أفهمك .. إذن تريدين الذهاب ؟ "
أطرقت نهاد رأسها و أجابت في حياء :
" نعم . "
فرحت نسرين لذلك و ردت بلهفة :
" إذن ستتأنقين .. و ترتدين أجمل فستان لديك و تذهبين ، و أثناء اللقاء تتعرفين إلى ذلك الرجل المجهول أكثر و تعرفيه بشكل أفضل .. ربما هو أيضا يبادلك الإعجاب ، و لا تبالي بأمر لقاءكم السابق ؛ سنتدبر أمر ذلك و لن تخسري شيئا . "
شردت نهاد بفكرها و فكرت في أن كلام أختها صحيح و لن تخسر شيئا فعلا ، ستعتذر عن سوء التفاهم الذي حدث معهما من قبل بأي حجة و تعرفه أكثر ربما يبادلها نفس مشاعرها و ربما يكون هو فتى أحلامها .
و قالت في صوت هاديء لنسرين كأنها اتخذت قرارها :
" نسرين .. سأذهب للقاءه . "
فرحت نسرين و تمنت من أعماق قلبها أن يكون شخص مناسب و يحبها بصدق و إخلاص و حينها تعالى صوت المذياع بصوت أم كلثوم الرائع " أغدا ألقاك ؟ "
أنا قلم حر بين الأقلام ... أفكر فأكتب ... ربما تسمعون صرخاتي ... أو نحيب بكائي ... أو حتى قهقهة ضحكاتي ... المهم هو أن أجد صدى لكلماتي ... حتى أموت و أنا راضية عن حياتي ... حتى أكون قلماً حراً يعبر عن بلادي ...
الأربعاء، 28 أبريل 2010
الثلاثاء، 27 أبريل 2010
تحب تشرب شاي ؟ ج2
جلست نهاد و هي مأخوذة لا تعرف شيئا .. حائرة لا تعرف ماذا دهاها ؟ .. لماذا هي مشدودة إلى ذلك الرجل الغريب الذي تراه لأول مرة ؟ ، لقد قابلت أثناء عملها العديد من الرجال من هم أكثر وسامة منه و لكنها لم تجد من يجذبها و يجذب جمالها مثل هذا الرجل . ترى هل هذا حب من أول نظرة أم أنه مجرد إعجاب ؟ حب !! لا ... لا يمكن أن يكون حتى إعجاب إنها فقط مشدوهة لا أكثر ، و استطردت من عقلها هذه الأفكار حتى تعرف تتحدث معه بلباقة مثلما وعدت نسرين .
أفاقت من شرودها على صوته العميق الدافيء يسألها :
" فيم تفكرين ؟ هل أنت على ما يرام ؟ "
" نعم أنا بخير .. لا تقلق ؛ لكنني في الحقيقة في عجلة من أمري و حضرت إلى هنا منذ وقت طويل . "
" لو كنت أعرف أنني سأقابل هذا الجمال و تلك العيون الساحرة الجذابة كنت حضرت من وقت طويل "
دق قلبها لهذا الإطراء و لكنها دائما كانت تسمع الكثير من كلمات الغزل و اعتادت عليها؛ لماذا هي مضطربة الآن كأنها ما زالت في سن المراهقة ؟ و استجمعت شتاتها و قالت له باتزان :
" أشكرك كثيرا على هذا الإطراء ؛ لكنني متعجلة .. أريد أن أمشي .. بعد إذنك "
نظر إليها نظرة شك و قال لها :
" كما تحبين ..... سعدت كثيرا بلقائك "
نظرت إليه كأنها مسحورة و تريد أن تملأ عينيها من ملامحه الشعر الأسود اللامع و تلك العينان الساحرتان السودوان ... و جسده الرياضي صحيح البنية .
و أفاقت من نظراتها على صوته يسألها في تشكك :
" هل أنت متأكدة أنك بخير ؟ "
ردت بسرعة و هي تقف و تأخذ حقيبتها :
" نعم أنا بخير ؛ و لكنني مضطرة أن أمشي ..... إلى اللقاء "
نظر إليها في لهفة متسائلا :
" هل سأقابلك مرة آخرى ؟ "
نظرت إليه محاولة الابتسام :
" نعم ؛ ما رأيك في يوم الثلاثاء القادم ؟ "
ابتسم في فرح و قال لها :
" نعم إنه مناسب جدا ؛ سأنتظرك الساعة الثامنة مساءا هل يوافقك ؟ "
" نعم ؛ إلى اللقاء . "
و بسرعة اتخذت خطواتها لتمشي و لكنه استوقفها و هو يمد يديه ليسلم عليها :
مدت يديها المرتجفتين و لمست يديه و حينها خفق قلبها بشدة و سحبت يديها بسرعة ، لاحظ هو ذلك ناظرا إليها بسخرية قائلا :
" إلى اللقاء . "
سارت بخطوات سريعة مرتبكة و هي تشعر كأن نظراته مصوبة إليها حتى خرجت من الكافيه . سارت بجوار النيل وقت المساء و هي حزينة حائرة. حزينة لأنها لن تراه مرة آخرى و هذا الحزن كان يحيرها أكثر . لماذا تشعر بذلك الانقباض ؟ لماذا انجذبت إليه هكذا ؟ إنها لا تريد أن تشعر ناحيته بشيء فهي تعلم أنه إذا كان ينظر إليها بلهفة فتلك اللهفة ل ( نسرين ) و ليست لها . نسرين ؟! نعم نسرين ....
سامحيني يا نسرين على تلك المشاعر إنها ليست بيدي .؛و لكن اطمئني يا أختي العزيزة لن أقابله مرة آخرى و سأفعل ما بوسعي حتى تتزوجيه إذا كان يحبك فعلا ، أما بالنسبة لي فهذه مجرد مشاعر حيرة و تخبط لا تعني لي شيئا و لن أفكر فيه فيما بعد .
وصلت نهاد البيت و حينما فتحت الباب وجدت أختها تنتظرها بلهفة و هي مسرورة و تسألها بسرعة :
" هل قابلتيه ؟ ما هو شكله ؟ هل هو جذاب ؟ هل أعجبتك شخصيته ؟ ما رأيك فيه ؟ لماذا تأخرت ؟ "
جلست نهاد على أقرب كرسي لها و هي تصطنع ابتسامة لنسرين و قالت :
" ما كل هذه الأسئلة ؟ "
" أرجوك يا نهاد فلتجبيني بسرعة "
" قابلته بعد ما تأخر ساعة عن الموعد ، و هو جذاب سيعجبك إن شاء الله ، و لم أتحدث معه كثيرا لأنني لا أعرف إسمه.. كيف لك ألا تخبريني بإسمه ؟! "
" يا إلهي كيف لي أن أنسى ؟ و لكنك لم تذكريني أيضا "
" لا يهم ؛ لقد تحججت بأنني في عجلة من أمري حتى لا أتحدث معه كثيرا ؛ و لذلك لا أستطيع أن أحكم عليه و لكن يبدو لي لطيفا "
نظرت نسرين إلى أختها في فرح و قبلتها قائلة :
" شكرا لك يا أختي العزيزة . إنني سعيدة اليوم لقد نجحت في لقائي مع المدير و تم تعييني ؛ و أيضا أنت نجحت في مقابلتك ل ( ياسر ) "
نظرت لها نهاد و هي تبادلها ابتسامتها قائلة :
" مبروك .. الحمد لله على فكرة سيقابلك الثلاثاء القادم الساعة الثامنة مساءا "
" جيد إنه موعد مناسب لي .. أشكرك مرة آخري يا نهاد ، عقبال اليوم الذي تقابلين فيه شريك حياتك "
نظرت إليها نهاد و هي تصطنع ابتسامة قائلة :
" لقد مشيت كثيرا ؛ سأقوم و أتركك لأنام .. هل تريدين شيئا ؟ "
" لا يا حبيبتي فلتنامي ، و لكن ألن تأكلي ؟ "
" لا أريد ، أريد أن أنام فقط "
مددت نهاد جسدها على السرير محاولة الهروب من أفكارها حتى تعرف تنام و بالفعل راحت في سبات عميق ، و فجأة استيقظت على صوت نسرين تهزها بسرعة و كأن مصيبة حدثت و تناديها بسرعة :
" نهاد .... نهاد .... استيقظي "
نهضت نهاد بسرعة متسائلة :
" ماذا بك ؟ ماذا حدث ؟!!!!! "
ردت نسرين محاولة أن تلاحق أنفاسها :
" كنت أود أن أتحدث مع ياسر على النت كالعادة و لكني لم أجده ، اتصلت به فوجدته يرد عليّ و هو مرهق كثيرا يعتذر لي عن الموعد ، يخبرني أنه لم يذهب لأنه قام بحادث "
اندهشت نهاد كثيرا محاولة أن تتكلم و لكنها لم تستطع سوى أن تقول :
" ماذا ؟ لم يذهب ؟ إذن من هذا الذي قابلته ؟! "
الخميس، 22 أبريل 2010
لماذا نؤمن بالحب ؟
لماذا نؤمن بالحب ؟ ما هي الحكمة من تلك الأحاسيس السخيفة التي تشعر بها ؟ نعم لا تتعجب ... أحاسيس سخيفة تجتاحك ... تشعرك بأنك تبالي بشخص ما ... تهتم لأمره ... تريد أن تعرف عنه كل ما لا تعرف .... تريد أن تعيش له حياتك ... تقف بجانبه ... تساعده ... و تدفعه للأمام ... و تشعر كأن القدر يريد أن يربطك بمثل هذا الشخص ... فلماذا تربط مصيرك بشخص و بإمكانك أن تعيش في حرية ؟! و لكن الحب غريب ... كيمياء غريبة تربط بين البشر .... لا قانون له و لا معايير ... فبالرغم من القواعد التي تسلكها لإرضاء حبيبك ... و المباديء الجديدة التي يقنعك بها الحبيب .... إلا أنك تكتشف أن تلك القواعد هي في أصلها منافية لقواعد و مباديء الحرية .... يمكنك أن تترك عملا من أجل حبيب ... يمكنك أن تتخلى عن بعض الذات و الكبرياء لأجل الحبيب .... مقتنعا بأنك تحترم قانون الحب ... و لكن الحقيقة أن ذلك القانون لا يمت بصلة لأي قواعد أو مباديء الحرية الإنسانية .... تسقط فجأة في بئر من الأحزان .... تعيش شقيا مثل باقي العشاق ... تحيا في ألم لكنه ممتع ... تذرف دموعك بألم و استمتاع في آن واحد ... ترضى بهوانك من أجل الحبيب و تحاول عبثا أن تقنع نفسك أنه ما زال لديك بعض الكبرياء .... تعيش نار الشوق ... ألم الفراق ... غيرة و وحدة و انكسار ... و مع ذلك تجري وراء الحب ... تبحث عنه في كل مكان ... تحيا و تموت من أجل قصة حب واحدة صادقة ... أليس هذا جنونا ؟ أليست هذه مشاعر سخيفة ؟ و بالرغم من سخفها ... و بالرغم من جنونك ... إلا أننا لا نستطيع أن نعيش بدون حب .... نكهة الحياة ... الحب نار ... الحب عذاب ... الحب شقاء ... الحب فراق ... و لكنه في النهاية حب ... لذا من منا لا يؤمن بالحب ؟ !
كابوس

رسالة إلى حبيب بعد الفراق
قرار فراق
حزينة لأجلك يا وطني
أحبك يا أميرتي
الأربعاء، 21 أبريل 2010
اطمئن .. لم أعد أهواك
تحب تشرب شاي ؟ ج1

رحلة انكساري

أرجوك .. لا تهواني لأجلها
الثلاثاء، 20 أبريل 2010
همسات القلوب الحائرة
سيدة لها شارب !
غرفة صامتة مقيتة .. ربما هي ميتة من كثرة الصمت و السكون .. قطعت ذلك الصمت حينما بدأت تبحث عن شيء ما في أدراج مكتبها .. ربما شيئا كان سببا في دمار حياتها .. و أثناء بحثها وجدت تلك الصور التي أخفتها بعيدا عن مرأى عينيها حتى لا تبكي مرارا و تكرارا ، و بدأت تتطلع إلى الصور بعين باكية و شفاه رسمت عليها نصف ابتسامة ربما هي ابتسامة ساخرة و ربما هي ابتسامة مريرة . تركت الصور من يديها لتبحث عن تلك الورقة أو بمعنى أدق تلك الشهادة ؛ الشهادة التي تفيد بمنحها تقدير امتياز مع مرتبة الشرف في رسالة دكتوراة . أمسكت الشهادة و بدأت تتحدث في نفسها إلى الشهادة كأنها شخصا مثلها ؛ تخبرها بمكنون صدرها و ضيق حالها و زروة يأسها . تخبرها بأيام مضت حينما كانت تضج الحركة في ذلك المنزل الذي تقطن فيه خاصة تلك الغرفة التي أصبحت صامتة مقيتة . تخبرها بأيام سعيدة عاشتها مع والديها و أخيها و أختها ، أيام مليئة بالمزاح و الفرح و الحيوية . أيام كانت تذهب لمدرستها الثانوية بفخر و ثقة ، كانت محل إعجاب المدرسين و محل حسد الفتيات لا لذكائها فقط بل لجمالها الهاديء الجذاب أيضا . حيويتها .. ثقتها في نفسها .. شعورها بأنها جميلة و محل إعجاب الآخرين .. اطمئنانها و شعورها بالأمان لوجود والديها بجوارها دائما معتقدة أنهما باقيان لها حتى آخر العمر كل ذلك كان سببا في تلك الفكرة الشيطانية التي سيطرت عليها . رفضت كل عريس تقدم إليها بحجة رغبتها في تحقيق أحلامها و طموحاتها . كانت تفخر بكثرتهم و رفضها الشديد لهم ؛ و كانت تضحك حينما تطلق عليها زميلاتها ذلك اللقب الساخر ( فتاة لها شارب ) ؛ كانوا يسخرون منها لأنها غيرهن ؛ ليس لها هدف سوى تحقيق الأحلام و الطموح ؛ لا تفكر مثلهن في الحب و الارتباط بشخص واحد يمس قلبها و يجذبها إليه . لم تستمع لنصائح والدتها أو قريباتها و تخرجت في الكلية التي رغبت فيها و حصلت على شهادة الدكتوراة ، و لكن توفي والديها و تزوج أخيها و أنجب ثلاثة أطفال ، و تزوجت شقيقتها الصغرى لتنجب طفلين . و عندها صارت وحيدة تعيش بين صور و جدران ، صار منزلها مقيتا كئيبا و صارت حياتها أمقت و أكثر كآبة . لا تجد من تتحدث إليه سوى تلك الصور التي تزيد حزنها حزنا و تلك الشهادة التي لا تجد منها ردا و لا يدا تمسح دموعها و لا حضنا دافئا يشعرها بالحنان . لم يتغير شيئا فيها حتى حينما وصلت إلى منتصف الثلاينات دون زواج .. دون حب .. دون شريك للحياة . لم يتغير فيها شيء سوى أنها بعد أن كانت فتاة لها شارب أصبحت سيدة لها شارب !
نصف أمنية !
سارت بخطى واثقة متزنة بين صفوف السيارات و العربات المتراصة في ذلك الموقف القديم ... تلك العربات المسافرة لأماكن عدة ؛ كانت تشعر بنظرات الإعجاب حولها لكنها لم تبالِ لأنها اعتادت على ذلك أينما ذهبت ، و بدأت تبحث عن الركن الذي يحوي العربات و الأتوبيسات المسافرة إلى الإسكندرية و تجول بعينيها في جميع أركان الموقف .
و أخيراً وجدت الركن المطلوب و فجأة قبل صعودها للعربة رأته ؛ نظرت إليه نظرات عميقة من تحت نظارتها الشمسية السوداء بمشاعر مختلطة ما بين إعجاب و تمني و لم يفت عليها نظراته الشديدة ؛ لمحت نظراته الثاقبة من تحت نظارته الشمسية السوداء ما بين إعجاب و إهتمام ، لكنها سرعان ما محت كل ذلك من عقلها و صعدت إلى الأتوبيس لتختار كرسيا بعيداً عن الناس بجوار النافذة مثلما اعتادت أن تفعل كلما كانت تسافر إلى أي مكان .
جلست في مكانها بهدوء لكنها لم تستطع أن تفارق صورته من خيالها ؛ و تمنت أن يأتي إليها و يسافر معها ؛ لكنها سرعان ما أزاحت الفكرة من رأسها لتخرج كتاباً تقرأه حتى يحين موعد انطلاق الأتوبيس .
و فجأة سمعت ضجة كبيرة تأتي من باب الصعود نظرت في فتور لتجده واقفاً أمامها يحاول الصعود ؛ نظرت إليه تسترجوه بأن يسرع في الصعود ليجلس بجوارها قبل أن يسبقه أحد في فعل ذلك ؛ و نظر إليها في اهتمام يطمئنها بينما يملأ الخوف أركانه من أن يأخذ أحد مكانه .
أسرع في الصعود و اتجه إليها و جلس بجوارها شعرت باهتمامه و شعرت به بجوارها كأنها يطمئنها إلى حقيقة واقع ملموس لا خيال و حلم من الأحلام ؛ شعرت به يعزلها عن العالم كله يحميها من الناس و من نظراتهم المختلفة ، و أخيرا ارتخت في كرسيها بعد محاولات عدة للارتخاء بعد خوف و اضطراب و انفعال ؛ و بدأت أمنياتها تتعدد سيتحدث إليها ؛ يخبرها بمشاعره ؛ لا لن يتحدث ربما هي تتوهم كل ذلك ، لكن كيف تتوهم ذلك و هو بجوارها ؟ سيسير خلفها و يتحدث إليها ، لقد وجدها أخيراً و لن يتركها تضيع من يديه ؛ هكذا فكرت في نفسها .
و فجأة توقف الأتوبيس و هبط الناس من حولها ؛ نظرت إليه فوجدته قد هبط هو الآخر دون كلام أو وعود أو أمنيات ؛ شعرت بحسرة لكنها لم تكن حسرة كبيرة و هبطت خلفه و نظرت إليه كأنها تودعه أو تودع حلمها الواقعي ؛ و ابتسمت في نفسها ساخرة قائلة على الأقل صعد ورائها .. على الأقل جلس بجوارها .. على الأقل حماها مما هو مجهول بالنسبة لها .. على الأقل تحققت لها نصف أمنية !
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)